عرضت قناة “الميادين” في نشرة منتصف الليل (السبت/الأحد 11-12/4/ 2015) تحقيقا من قطاع غزة، تحدثت فيه عن محاولة سلطات الإحتلال الصهيوني سرقة زهرة “شقائق النعمان”، التي يعتبرها الفلسطينيون رمزا لدماء شهدائهم، عن طريق إعلانها “زهرة اسرائيل الوطنية”…
انتهى الخبر… من دون ان يوضح معدّ التحقيق، ما دخل الفريقين، الاسرائيلي والفلسطيني، بهذه الزهرة المعروفة بأنها كنعانية/لبنانية-سورية، بإمتياز، منذ فجر التاريخ… التاريخ الذي سبق الغزوة الكريتية (من كريت) لـ أرض كنعان، وبالتأكيد سبق قيام الكيان الإسرائيلي، بآلاف السنين…
لذلك، كان لابد، في هذا الزمن الصهيوداعشي، من توضيح الآتي:
أسطورة عشتار وأدونيس
تقول الأسطورة كما رواها الكاتب السوري _ الروماني: أوفيد: ” ما إن كبر أدونيس ( أدون= السيد،الرب) حتى تعلقت عشتار به وأنساها رعاية شطآن جزيرتها (القترا) وأصبحت رفيقته تصحبه أنى ذهب. وتركت ما تعودته من استرخاء في ظلال الأشجار والعناية بجمالها وزينتها، وأصبحت تجول في الغابات والجبال مشمرة ثيابها حتى ركبتيها… وأخذت تنصح أدونيس باتباع نهجها محذرة إياه من الوحوش مؤملة في أن يصغي النصح لها. وقالت له (كن جسوراً… ولا تأمن الحيوانات التي تتعرض لك. ولا تكن طائشاً حتى لا أغدو تعسة بعدك يا فتاي الحبيب. لا تتعرض للحيوانات التي زودتها الطبيعة بأسلحة حتى لا أدفع غالياً أنا ثمن مجدك الذي تبلغه. فليس لشبابك وجمالك وسحرك الذي يفتن عشتار أثر على الأسود والخنازير البرية المشعثة الشعر. فهي لا تخشى الوحوش ولا ترهبها. ثم إن الخنزير البري كالبرق في انقضاضه بمخالبه. وإن الأسد إذا أثير يتوثب دائماً للهجوم.
وانطلقت عشتار بمركبتها في الأجواء بعد أن حذرت أدونيس غير أن الشجاعة لا تجدي فيها التحذيرات فلقد لمح خنزيراً برياً كانت كلابه قد اقتفت أثره وأثارته من وجاره. وكاد أن يخرج من الغابة ، فأنفذ في جنبه رمحه بطعنة قاتلة. وأسرع الحيوان فنزع الرمح الدامي بخطمه الملتوي فدب الذعر في قلب أدونيس وأخذ يبحث عن مأوى غير أن الخنزير الوحشي تعقبه وعض فخذه قريباً من خصيته بنابه فتلوى فوق الأرض محتضراً على التراب وحيداً. وبلغت أنات أدونيس المحتضر عشتار التي لم تكن قد بلغت جزيرة كفتور. فاستدارت واتجهت إليه ولمحته عن بعد مضرجاً بدمائه فاقد الوعي . فقفزت إليه وشقت ثوبها عند صدرها وشدت شعر رأسها وأخذت تلوم الأقدار وصاحت فيها قائلةً: لا لن يخضع لك شيء. وسوف يبقى أدونيس ذكرى حزن بالغ للأبد. وسوف يمثل كل عام مشهد موتك يذكر بما كان فيه من نواحي عليك، ولتنبثقن زهرة من دمائك،
وصبت عشتار على دم أدونيس بعد كلماتها هذه رحيق زهرة عطرة جميلة لم يكد يمسه حتى أخذ الدم يغلي ويفور وتصاعدت منه فقاعات صافية ولم تكد تمضي ساعة من الزمن حتى انبثقت من بين الدماء زهرة بلون الدم شبيهة بزهرة الرمان تخفي بذورها تحت لحائها غير أن المتعة التي تمنحها هذه الزهرة قصيرة العمر، لأنها زهرة رقيقة واهنة الساق، تعصف بها الريح التي خلعت عليها اسمها وهي زهرة شقائق النعمان”
نلاحظ في هذه الأسطورة إن دم الإله القتيل هو الربيع الآتي المتمثل في أزهار شقائق النعمان. علماً أن أصل كلمة النعمان هي “النحمان” وتعني القائم من الموت والإبدال من الحاء إلى العين كثير في العربية القديمة والحديثة. والكلمة عربية قديمة وهي في القاموس السرياني من الفعل “نحم” ويعني : بُعث، حيا، قام من الموت ثم اختفت الحاء كما في اللهجة المندائية التي منشؤها في الأرض المركز في بلاد غامد نفسها وجرى الإبدال مع العين. أما العناصر التعليمية الأخرى فهي العناصر الطقسية: فكما ناحت ولطمت وندبت عشتار على الاله القتيل هكذا على النساء السوريات أن يفعلن وكما أمرت عشتار “سوف يمثل كل عام مشهد موته ليذكر بما كان فيه من نواحها عليه” فمن هنا كانت بداية التمثيل المسرحي في سوريا وفي العالم أجمع . إنها بداية طقسية دينية مرتبطة بديانة الخصب العشتارية. أما الخنزير البري عدو المزروعات فقد دعي في التراث السوري ب (الخنزير قاتل أدونيس) أي قاتل الخصب. ومع السوريين انتقلت هذه التسمية إلى بلاد اليونان فدعي هناك (خنزير كلي دونيا) أي قاتل أدونيس. والكلمة في القاموس السرياني من الفعل (قَل) أي قتل، أهلك وقد ذهبت إلى الانكليزية وصارت Kill= قتل. (النص نقلا عن صفحة The Ancient History Of Syria على الفايسبوك)
أسطورة أدونيس وعشتروت
يمثل أدون (“رب أو سيد” باللغة السامية) الإله الشاب بين الثالوث الديني في جبيل (بيبلوس) وأيضا في بعلبك. كان معروف تحت اسم تموز عند البابليين أو أدونيس عند اليونانيين والرومان،. امتدت عبادته الى معظم المدن الفينيقية، ولكنه عُرِفَ بأسماء أخرى. فكان أشمون في صيدون أو ملكارت في صور … وكان ما يعادل أوزوريس في مصر
نُقِلَتْ أسطورته من قبل العديد من المؤرخين والرحالة القدامى، وقد تم تكييفها بشكل مختلف وحسب الآلهة والعادات المحلية في كل قطر.
توحي ترجمة بعض الكتابات الفينيقية إلى أن أدون كان ابن الاله إيل وزوجته الإلهة عشيره، التي تجسدت تحت شكل شجرة وأنجبت ادون بعد تسعة اشهر. أما في قبرص، فقد وُجِدَتْ منقوشات أخرى تحكي قصة إله وُلِدَ من ملك الجزيرة وابنته. بالنسبة للقرطاجيين، أدون هو ابن فينيكس والحورية ألفيسيبه. فهو أدونيس في الأساطير اليونانية والرومانية حيث نجد عدة روايات مماثلة لكن مع أسماء مختلفة.
ومع ذلك، تتفق كل هذه القصص على أن ولادة أدون (أدونيس) هي نتيجة علاقة بين ملك من شرق البحر الأبيض المتوسط وابنته. هناك نسخة تتحدث عن ثياز ملك أشور وابنته سميرنا، وأخرى تذكر سينيراس ملك قبرص وابنته ميرا.
كانت ميرا معروفة بجمالها الرائع، ترعرعت في منزل والدها الذي بلغ الغرور عنده الى درجة ليدعي، أمام البعض من زواره، بان جمال ابنته يتجاوز بهاء عشتروت (أفروديت لدى الإغريق وفينوس من قبل الرومان). وصل هذا الكلام إلى عشتروت وغلت الغيرة في قلبها، وقررت الانتقام من الملك، ملهمة لميرا بالوقوع في الحب من والدها. عانت ميرا من هذا الغرام وحاولت الانتحار، لكن إحدى خادماتها هيبوليتوسل، استدركت الوضع ووعدت سيدتها، خوفا عليها، بمساعدتها للتقرب من الملك دون أن يدري بانها ابنته. فجاءت فترة أعياد في المملكة، فتحايلت الخادمة على الملك في ظلام الليالي السوداء، لوضع ميرا في فراشه وذلك لعدة ليال. حملت ميرا من والدها الملك، وعندما اكتشف هذا الأخير الحقيقة، سعى رأسا لقتل ابنته. هربت ميرا واتخذها الخوف والخجل، وتوسلت الآلهة لإنقاذ حياتها والحفاظ على طفلها. بعد معرفتهم بما حصل، وخاصة بدور الإلهة عشتروت، شفق الآلهة لوضع ميرا واستجابوا لطلباتها بتحويلها إلى شجرة، التي عُرِفَتْ باسم شجرة اللبان المر (البلسم). وفرضوا على عشتروت أن تهتم بالطفل بعد ولادته. وبعد تسعة أشهر، انقسمت الشجرة وخرج منها أدون وارثا جمال والدته.
بعد ولادة أدونيس، وحسب الأسطورة الإغريقية، وصلت أفروديت واقتربت من الطفل، فانبهرت بجماله، فقررت إخفائه عن عيون باقي الآلهة فخبأته في صندوق، وعهدت به إلى بيرسيفوني ملكة الجحيم وطالبتها بأن لا تنظر إلى محتواه. لكن الفضول استولى على الملكة، ففتحت الصندوق ووجدت أدونيس وفوجئت بوسامته. فقررت الاهتمام به ونقلته إلى قصرها حيث ترعرع وأصبح شابا جميلاً وفاتن للغاية فعشقته. عندما رجعت أفروديت وطالبت باسترجاع هذا الشاب، رفضت الملكة بالتنازل عنه. فتنازعت الإلهتين. غضبت أفروديت وطلبت من كبير الآلهة زيوس بالتدخل. لكن هذا الأخير، ليتفادى الوراط مع الواحدة أو الأخرى، طلب من الحورية كاليوبي بالحكم عنه. فقضت الحورية بتجزئة السنة إلى ثلاثة فترات. وكان على أدونيس أن ينفق الأشهر الأربعة الأولى مع بيرسيفوني، وأربعة مع أفروديت، أما الثلث الأخير فيفعل ما يشاء. نفذ أدونيس هذا الحكم، لكنه قرر قضاء وقت فراغه مع أفروديت.
كان أدونيس يحب الصيد، فقضى الكثير من الوقت لممارسة هوايته عندما كان بصحبة افروديت، وغالبا ما اعتمدت الإلهة مرافقته خوفا عليه ولحمايته. خلال احدى هذه الرحلات في منطقة أفقا، بالقرب من مدينة جبيل (بيبلوس)، خرج أدونيس من دون أفروديت التي كانت متجهة نحو قبرص، ووقع على خنزير بري وأصابه بأحد رماحه من دون أن يقضي عليه، فهجم الخنزير على أدونيس وجرحه جرحا عميقا في قدمه. عانى أدونيس من جراحه، ووصل صوت تنهداته إلى أذن افروديت، فسارعت بالعودة الى جانب عشيقها وحاولت إنقاذه من دون جدوى.
سالت دماء أدونيس على الأرض واندمجت مع دموع الإلهة فانبثقت زهرة حمراء من التراب، سُمٍيَتْ من بعدها بشقائق النعمان. واستمر اندفاق دمه نحو النهر القريب الذي صُبِغَتْ مياهه باللون الأحمر حتى مصبه في البحر المتوسط. عُرِفَ النهر، منذ ذلك الحين، بنهر أدونيس، وجَرَتْ التقاليد بإقامة طقوس دينية تذكارية لهذه الحادثة، في كل بداية ربيع، من خلال تنظيم احتفالات كبيرة “الادونيسيات: Les Adonies“.
يمكن أن يكون موت أدونيس مجرد حادث صيد مؤسف، لكن القصص تختلف وتتحدث عن مصادر أخرى التي كانت وراء هذا الفعل. بعضها تقول بان آريس، إله الحرب واحد عشاق أفروديت، تحول إلى خنزير وهاجم أدونيس غيرةً. ويقول آخرون أنه أبولو، للانتقام من أفروديت بعد أن أعمت ابنه هريمانتوس. تفسير آخر يتصل ببيرسيفوني، بعد أن أدونيس فضًلَ قضاء المزيد من الوقت مع منافستها. أو أفروديت نفسها، متمنيةً تشجيع أدونيس بالتخلي عن هذه الهواية الخطر ومقتنعةً بإمكانية إنقاذه، دون التوصل إلى هذه النهاية المأساوية.
عُرِفَ أدونيس أيضا عند الرومان. عشتروت\افروديت كانت فينوس، أما بيرسيفوني فأصبحت بروزربين، آريس تحول إلى مارس وزيوس إلى جوبتير. تقول الأسطورة عند الرومان بأن أدونيس، عند ولادته، استلمته الحوريات ورَبًتُه في مغاور من جبال لبنان، بالقرب من منبع نهر، الذي يُعْرَف اليوم باسم “نهر أدونيس” أو “نهر إبراهيم”. أصبح أدونيس شاب شديد الجمال، يعشق الصيد وكان يقضي وقته في غابات لبنان. ذات يوم، شهدته الإلهة فينوس وانبهرت بحسنه فتقربت منه ووقعا في الحب فورا. تخلت فينوس عن كل شيء وتبعت أدونيس في رحلاته وأمنت حمايته ضد اخطار هوايته. قصة وفاته مرتبطة دائما بحادث الصيد وسببه كان وما يزال متعلق بغيرة الآلهة. فكانت ديانا، إلهة الصيد، هي التي وضعت الخنزير على طريق أدونيس للانتقام من فينوس التي كانت وراء وفاة هيبوليتوس. وروى آخرون أن مارس، إله الحرب وعشيق فينوس، قد تحَوًل إلى خنزير بري وهاجم وقتل أدونيس.
انتقل أدونيس إلى عالم الموتى، عانت وتألمت فينوس من هذا الحدث، وحاولت إحياء عشيقها. في نفس الوقت، التقت بروزربين، ملكة العالم السفلي، بهذا الشاب الوسيم ووقعت رأسا في حبه، ورفضت السماح لفينوس باستعادته. طلبت فينوس من جوبيتر، رئيس الآلهة، بالتدخل، فقضى هذا الأخير على أدونيس، على ما جاء عند الإغريق مع تجزئة السنة إلى ثلاثة مراحل. هذا التقسيم يذكرنا بالمواسم المختلفة ودورة حياة الطبيعة. أربعة أشهر مع بروزربين في الجحيم تمثل الموت أو فصل الشتاء، والباقي يجسد الحياة وولادة جديدة للطبيعة أو الربيع ومن ثم الصيف والخريف.
انتشرت قصة أدونيس في جميع أنحاء العالم القديم، وتم تكييفها عند كل حضارة. القصص تختلف ولكنها تتوافق جميعها مع جمالها الأسطوري، لعلاقتها مع إلهة الحب ولأنها تمثل الولادة الجديدة للطبيعة. جرى العديد من الاحتفالات الدينية لذكرى وعبادة أدونيس. كانت “الأدونيسيات” الأكثر شهرة وقد أحيت في جميع المدن الفينيقية، واليونانية، وأيضا عند الرومان والقرطاجيين. نقل العديد من المؤرخين هذه التقاليد عبر الشهادات المتنوعة. سنقوم بتدوين لكم البعض منها، ولا سيما تلك التي وقعت في مدينة جبيل الفينيقية.
خلال زيارة العالم والكاتب لوقيانوس السميساطي(1) (في القرن الثاني ق.م.) إلى مقدسات صيدا وإلى أفقا بالقرب من مدينة جبيل، حاول دراسة وتحليل مصدر عبادة أدونيس عبر المنشئات الدينية والتقاليد المتبعة عند سكان المنطقتين.
“رأيت أيضا في جبيل معبد كبير مخصص لأفروديت الجبيلية (عشتروت) حيث تقام طقوس العربدة على شرف أدونيس. وحصلت على معلومات في ما يختص بهذه الطقوس. لذا يقول الجبيليون أن النكبة التي حصلت لأدونيس بسبب الخنزير وقعت في بلادهم، وتخليدا لذكرى هذا الحدث، يقومون بضرب أجسادهم كل عام، ويرثون أحوالهم، ويحتفلون بطقوس العربدة الدينية ويحل حداد كبير في البلد كله. عندما يتوقفون عن الضرب والنحاء، يحتفلون أولا بجنازة أدونيس، كما لو كان قد مات.
ثم في اليوم التالي يقولون انه يعيش، ويصعد إلى السماء، ثم يحلقون رؤوسهم كما المصريين بعد وفاة أبيس. أما النساء الذين يرفضون جز شعرهم، عليهم تَحَمٌلْ غرامة بوضع جمالهن وأجسادهن، وذلك ليوم كامل، في خدمة المعبد. كان المكان المخصص لهذه العادة محصور بالأجانب، والأجور المجمعة تقدمة لأفروديت.
من الممكن أيضا رؤية معجزة أخرى في إقليم جبيل: هو نهر، ينبثق من جبل لبنان، ليصب في البحر. أُعْطِيَ لهذا النهر اسم أدونيس. وفي كل عام، يصبح النهر دموي، بعد أن يخسر لونه، يصب في البحر، ويصبغ باللون الأحمر جزءا كبيرا من الشاطئ حيث يشير إلى أهل بيبلوس بدء وقت الحداد. ويقال أنه في هذه الأيام جُرِحَ أدونيس في لبنان، ووصلت دماؤه إلى مجرى النهر لتحويل مياهه ويعطيه لقبه. هذا هو أكثر ما يعتمد عليه الأهالي. لكن أحد سكان جبيل، قدم لي تفسيرا آخر لهذه الظاهرة ويبدو لي أقرب إلى الحقيقة.
مما قال لي: “نهر أدونيس، أيها المسافر، يعبر لبنان، وتراب لبنان لونها احمر فائق. بسبب الرياح العنيفة، التي ترتفع في هذه الأيام، تنقل التراب إلى النهر التي هي، بالنسبة للجزء الأكبر منها، ذات الصبغة الأرجوانية، وتعطي إلى النهر لون الدم، وبالتالي فإنه ليس هو الدم، كما يقولون، سبب هذه الظاهرة؛ ولكنها طبيعة الأرض”.
كان هذا هو التفسير الذي أُعْطِيَ لي من قبل الجبيلي. إذا تكلم صدقا، فهذه المصادفة، لا تبدو لي أقل قداسة”.
أشار أوسابيوس (٢٦٠-٣٤٠)، أسقف قيصرية، في كتاباته عن “التاريخ الكنسي”(2)، إلى وجود معبد مكرس لعشتروت وأدونيس في أفقا بالقرب من جبيل: “اكتشف الإمبراطور من قصره فخ منصوب لخلاص النفوس في منطقة من فينيقيا، مثل النسر الذي يكتشف من السماء، ما يحدث على الأرض. كان هنالك غابة ومعبد مخصص لشيطان نجس، تحت اسم فينوس. ليس في مكان عام، ولكن في أفقا، مركز منفرد من جبل لبنان. حيث عقدت مدرسة للزنا في الهواء الطلق”.
أميانوس مارسلين (٣٣٠-٣٩٥)، مؤرخ قديم، روى في أعماله عن “الأدونيسيات”: “من جانبهن، انفجرت النساء في البكاء والنحيب، وراحت تضرب على صدورهن وتولول وتصيح بأن أمل البلد قد قضي عليه بالقضاء على نخبة شبابه. تُذَكٍرْ هذه المظاهرات من آلامهم، بعادات كاهنات فينوس خلال الاحتفالات بذكرى أدونيس، الرمز التَقِيْ لتجدد خيرات الأرض.”(3).
المؤرخ سوزومين (٣٧٥-٤٥٠)، في كتابه “التاريخ الكنسي”(4) يتحدث عن تدمير المعابد، بأمر من الإمبراطور قسطنطين (٢٧٢-٣٣٧)، للحد من العبادة الوثنية التي تمارس في بعض مراكز الحج من الإمبراطورية: “هدمنا تماما معبد اسقولابيوس الذي كان في ايجيس، مدينة من كيليكيا، وذلك لفينوس الذي كان في أفقا بالقرب من جبل لبنان، ونهر أدونيس. هذه المعابد كانت شهيرة جدا وتحظى بشعبية كبيرة بين القدماء. نشر سكان ايجيس بان الإله يظهر في معبدهم خلال الليالي على المرضى، ويشفي أمراضهم. أما فيما يتعلق بمعبد أفقا، فنرى في بعض الأحيان، نار مماثل لنجم يمر على قمم جبال لبنان، وينطفئ في مياه النهر. فيقالون بأنه نار أورانيا أو فينوس”.
خبًرَ زوسيموس (القرن الخامس)، المؤرخ اليوناني، عن وجود معبد بالقرب من بيبلوس: “أفقا هو مكان في منتصف الطريق بين هليوبوليس وجبيل حيث أُسٍسَ معبد لأفروديت المحلية، بالقرب منه يتواجد نوع من البركة شبيهة بخزان مصنوع بيد الإنسان. على المعبد والمناطق المحيطة به، تتلألأ نار في السماء، كأنها شعلة أو كرة، وتجري هذه الحادثة دائما على هذا الموقع وفي الموعد المحدد وتعلن بدء الحشودات. تظهر هذا العارضة حتى في عصرنا الحالي”(5). (عن موقع pheniciens.com).
*****
(*) بالاشتراك مع aleph- lam
www.georgetraboulsi.wordpress.com