زكية عبد النبي (رويترز)
اعتبر الروائي المغربي أحمد المديني أن العالم العربي يعيش مرحلة من “التخريب” والشتات على مستويات عدة، وأن الأدب يمكن أن يتصدى لها رغم حدوث تراجع في الثقافة العربية.
وفي مقابلة مع “رويترز” قال المديني: “ما نعيشه اليوم نكوص خطير قياساً بما كنا نطمح إليه وما ضحت من أجله أجيال… نعيش هولا عظيما في جميع النواحي. صحيح لم نكن في عصر ذهبي ولكننا كنا في الحد الأدنى لمشاريع نهضوية.”
وأضاف الروائي الذي رشحته روايته “ممر الصفصاف” للقائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر): “يبدو اليوم أننا نعيش مرحلة انهيار. فما كان يسمى بالعالم العربي ليس سوى خريطة مفككة الأوصال وكذلك الشأن بالنسبة لما يسمى بالثقافة العربية.”
واعتبر أن وصف التيارات التي تسود العالم العربي حاليا بأنها “ظلامية” غير كاف، لوجود “إجهاز للفكر الحر وعلى المشاريع التنويرية وعلى كل ما يربط الإنسان بالمستقبل والحرية والتقدم. كل هذه القيم محاصرة بتيارات مدمرة لكل ما يمكن أن يثبث هوية الإنسان وإنسانيته.”
لكن المديني يرى بارقة أمل في الفكر والثقافة إذ يرى أن “الأدب سلاح للتصدي لهذا التخريب ولهذه الهمجية وهو تعبير رفيع للإنسان عن إنسانيته، وتمثيل للجمال في مواجهة القبح، والبناء في مواجهة الخراب، والأمل في مواجهة اليأس” خلال المرحلة الحالية التي أسماها “بالخراب الهائل” و”انهيار المشاريع”.
أوضح: “نحن مضطرون للمرور بهذه المرحلة كما هو الشأن بالنسبة لشعوب لم تنل حريتها وكرامتها، ببساطة كان لا بد من أن تدفع الثمن غاليا… ربما علينا أن ندفع نحن أيضا هذا الثمن.”
تابع المديني أن “التحدي الذي يواجه الكاتب العربي هو الإجابة عن سؤال: كيف يستطيع أن يستمر في كتابة الرواية وسط الحطام ويوماً بعد يوم تحت الأنقاض…هذا تحدٍّ صعب لأن الرواية من شروطها أن تكتب في الاستقرار الذهني والنفسي”. لكنه أكد أن بناء الرواية “رهن بقدرة الكاتب على الإحساس العميق بما يجري في الحياة العامة”.
والمديني (65 عاماً) الذي نشر كتبا نقدية ومجموعات قصصية، أستاذ جامعي وروائي وناقد، حصل على دبلوم دراسات عليا في اللغة العربية وآدابها في جامعة محمد الخامس عام 1978 ونال عام 1990 دكتوراه دولة في الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة السوربون التي عمل فيها أستاذا محاضراً.
وللمديني عشرات القصص والروايات والدراسات النقدية والأدبية والشعرية. وعن روايته “ممر الصفصاف” المرشحة لـ “بوكر” قال إنها “محاولة للخروج من غلبة الشعرية والرمزية اللتين كانتا متلازمتين في أعمالي الروائية السابقة“. وأوضح أن الأدباء يصنعون “عالماً من الوهم. نكتب داخل المأساة.”
حول اللغة العربية لفت إلى أنها “لغة مقدسة محفوفة بالمخاطر والمحاذير في مرجعيتها. (نحن) محاصرون بالبيان والتعجيز والأقوال الملغومة والموانع التي لا ينبغي علينا تجاوزها، وهذا هو جوهر الأدب وخاصة الأدب الحديث. والرواية جنس أدبي حديث.”
أما عن تراجع الشعر في العالم العربي على حساب الرواية بما لا يتفق مع مقولة “الشعر ديوان العرب” أكد أن ذلك طبيعي “ففي كل حقبة تاريخية يسود نوع أدبي معين.. مثلا الملحمة اليوم غير ممكنة أو المعلقات… انتقلنا إلى مجتمع حديث.”
أضاف:”اتساع العمران بأشكاله والنمو الديموغرافي والعلاقات الزراعية… أنتج مجموعة من الحكايات ومن الأزمات والمعضلات والأحاسيس والمشاعر والأشياء المضطربة، أيضا أن يستبطن الإنسان ذاته ومشاعره.. ولا يمكن للقصيدة أن تختزله لوحدها.”