سَــرِديَّةُ .. الْمَســـافات

الشاعر جميل أبو صبيح

jamil

( 1 )

مِنْ ثَقْبِ إبْرَةْ
أَعْبُرُ إِلى سُهُوبٍ خَضْراءْ
مُضَمَّخَةٍ بِالثَّلْجْ
وَغاباتٍ بِلا نِهايَةْ
مُهاجِراً إِلى تُرابِ الْفِتْنَةْ
أَجُرُّ الطَّريقَ بِقَدَمَيّ
الطَّريقَ .. حَيْثُ كائِنُ الصَّمْتْ
فارِدٌ ذِراعَيْهِ كَأَنَّهُ الرُّخْ
يَنْفُثُ الطَّمْيَ مِنْ بَيْنِ شِدْقَيْهْ
الطَّمْيُ.. طُيُورٌ بَيْضاءْ
كَأنَّها الْغَيْمُ فِي صَباحِ بارِدْ
أَلَقُ الْمَسافاتْ
وأفقُها الْمُعَبَّأ بِالثَّلْجْ
حَيْثُ تُحَلِّقُ أَسْرابُ الطُّيور
الطُّيُورُ بِأَلْوانِها
بَيْنَما الطيُورُ الرَّمادِيَّةْ
الرَّمادِيَّةُ وَحْدَها
تَدْخُلُ فِي ثَقْبِ إِبْرَةْ

( 2 )

كائِناتٌ غامِضَةْ
تَهْبِطُ مِنْ وَراء الْمُخَيَّلَةْ
تَنامُ عَلى سَريرِ الْأُفقْ
كائِناتٌ لا لَوْنَ لَها
لا طَعْمْ
لَيْسَ سِوى رائِحَة دمْ

دَمٌ يَسيلُ عَلى الْمَناديلِ الزَّرْقاءْ
في السَّماءِ الزَّرْقاءْ
وَأَشِعَةُ الشَّمْسِ الْغائِبَةْ
تَرْكُضُ خَلْفَ السِّياجْ
السِّياجْ …!!
تِلْكَ الْعتْمَةِ التي نَتَرَتْ فُجْأَةْ
فِي ضَبابِ الْجَسَدْ
وَما مِنْ أَحَدْ
إِلّا وَيَدْخُلُ ..
فِي ثقْبِ إِبْرَةْ

اترك رد