الأديب واسيني الأعرج
شعر بالبرد يا أمي في ظهري. لا أعرف من أين يأتي، ومن تأتي هذه القسوة؟
ربما من قلب حزين ينام على غيابك كل ليلة، نوافذه المغلقة لا تدرأ بردا شتويا يعيدني في مثل هذا الليل إلى القرية وإلى المجمر القديم الذي صنعته زوليخة بأناملها الرقيقة، التي كان يمكن أن تكون أنامل عازفة بيانو.
نلتفّ حول حرارته، وننتظر أن يتحول الفحم والحطب إلى جمر متقد متحملين الأدخنة ونثار الرماد. في هذا المساء البارد كم أشتهي يا أمي أن أحط رأسي على صدرك وأغفو تحت فرقعات الجمر الناعمة.
أسترجع الآن آخر كلماتك ليلة 03 ديسمبر وأنت تلحين علي بإصرار غريب: ننتظرك غدا. عاشوراء. احتفالات عاشوراء تكتسي عندنا في القرية طابعا تقليديا خاصا واحتفاليا كما في كل الجزائر.
نعم يا يمّا سآتي. سآتي يا أجمل قلب ولن أخيب انتظارك هذه المرة. ذهبتُ في اليوم الموالي، لكن هذه المرة لدفنها. خديعة القلب. ماتت داخل السكينة وهي في انتظارها الجميل.
موجع هذا المساء بدونك يا أمي. أحاول الآن أن أتأمل هذا الحبل السري الذي يرفض أن يتوقف نزيفه، فلا أفهم سوى أن أمي ربتني على الحب، حب حتى الذين لم يعودوا بيننا. توحشتك يا أجمل قلب. وسأرفض أن أكبر، وأنتظر الصباح كما كنت أفعل دائما، فقط لأراك، وأشم عطرك، وأشرب شايك، وأكل خبزك وألبس مطرك. وأنام على صدرك وعلى غيمك. موجع هذا المساء بدونك يا أمي.