الأديبة جولي مراد
مئةُ سنة. مئة سنة من العذاب والقهر والموت اليومي. مئةُ سنة. مئةُ سنة من التهجير والغربة والترحال. مئةُ سنة من النضال والانتفاضة والتمرّد على وجع الانكار.
مئة سنة والأتراك ينكرون ذاتهم وتاريخهم وأقوال حكامهم. أعطيكم باختصار بعض الامثلة التي تدلّ على انفصامٍ واضح وتؤكد حصول المجزرة باعتراف من الأتراك نفسهم: مصطفى عارف وزير الداخلية في السلطنة العثمانية في 13 ديسمبر 1918: “لا شكّ في أنّ بعض الأرمن تعامل مع الأعداء ولعلّ بعضهم ارتكب الجرائم ضدّ الأمة التركية وعلى الدولة العثمانية ملاحقة هؤلاء ولكن للأسف إنّ غلاة الحرب لدينا تماماً كقطاع الطرق نفّذوا سياسة تهجير تتخطّى ببطشها بأشواطٍ ممارسات الزعران الدموية. لقد قرّر هؤلاء تصفية الأرمن وتمّت تصفيتهم بالفعل”.
الأمير عبد المجيد ولي عهد السلطنة العثمانية: “المجازر المرعبة المرتكبة تلك وصمة عار على أمتنا وعرقنا. إنّها صنيعة طلعت وأنور باشا. سمعتُ عمّا يخطّطون، فقصدتُ اسطنبول قبل أن يُشرعوا بفعلهم الشنيع وأصرّرت على مقابلة أنور. وحين فعلتُ سألته إن كان صحيحاً أنّهم يعتزمون إعادة ارتكاب المجازر التي وصمت حكم عبد الحميد الثاني الدموي فجاء ردّه قاطعاً: “لقد اتخذ القرار. تلك هي الخطة”.
الوزير الأكبر داماد فريد باشا: “مجزرة الأرمن جريمة مقيتة تثير اشمئزاز العالم بأسره”. جمال باشا: “أنا أخجل من أمّتي خجلاً عظيماً لما ارتكبته بحقّ الأرمن”.
ليست هذه إلا بعض الأمثلة عن اعتراف الجزار بجرمه ولو أردنا ذكر كلّ ما وثّق حول الاثم المرتكب تاريخياً وأرشيفياً لقضينا مائة عام على مقاعد هذه الصالة.
مائة عام من الأدلة الدامغة والكذب والمراوغة التركية والتواطؤ الدولي الخسيس. نعم قرّر الأتراك ذات يومٍ أن يتخلّصوا من الأرمن ولكن القضية ليست قصة أرمن فحسب، فالمجازر لم تقتصر عليهم دون سواهم، بل شملت كلّ من كان تحت السيطرة العثمانية من المسيحيين. لم تبدأ المجازر في الـ 1915 المتداولة عموماً كتاريخٍ لانطلاقتها، بل تعود جذورها الى سنوات سحيقة وتحديداً الى القرن الثامن عشر إبان حكم السلطان عبد الحميد الذي خاض حروباً فاشلة ضد روسيا فخسر في أوروبا والقوقاز وخاف خوفاً شديداً من أن تُطرد السلطنة العثمانية من غالبية البلقان فقرّر تعزيز القومية التركية والاسلامية في آسيا الصغرى التي كانت تضمّ مجموعات كبيرة من غير المسلمين الذين شكّلوا بلا شكّ عثرةً أمام النية العثمانية ببسط أمّة “أحادية اللون”. وهكذا دمّر الأتراك في مقدونيا وحدها مثلاً أكثر من 200 قرية وقتلوا 5 آلاف مزارع، وهجّروا 30 ألف شخصٍ. نعم، لم تقتصر المجازر التركية يوماً على الأرمن بل شملت مسيحيين آخرين من يونان وأشوريين وكلدان وغيرهم. يكفي أن نذكر ما قاله عبد الحميد الثاني حرفياً وأقتبسه من كتبٍ تركية لنعرف حقيقة المُخطَّط المُقزّز: “انتهت المرحلة التي كُنّا فيها نسمح بالتصاق ناس من ديانات أخرى بنا وكأننا نخلط أنواعاً مختلفة من اللحم المفروم. لا يمكننا أن نقبل في أمّتنا إلا من هم منّا ويشاطروننا المعتقدات الدينية ذاتها”.
نعم. ما أشبة الأمس بالحاضر: أمّة متغطرسةٌ سفاحة حلمت بقومية أحادية اللون قوامها القضاء على اصحاب الأرض الحقيقيين منذ آلاف السنين وها هي الأمة نفسها اليوم تدعم أصوليات مرعوشة تحلم الحلم نفسه وتنفّذ المجازر نفسها بحقّ الأشوريين والمجموعات المسيحية الأخرى في العراق وسورية. فلداعش اليوم جذورها الضاربة في الأمس مع الممارسات العثمانية، ألم ينحر الأتراك آلاف المفكرين والأدباء والشعراء؟ ألم يعيثوا قتلاً ودماراً؟ فما أشدّ قهري لعالمٍ ساكتٍ مراقبٍ منذ مئة عام وحتى يومنا هذا، فيما الأطفال يذبحون، فيما النساء يغتصبن، فيما المعالم التاريخية تُمحى بمطرقة البرابرة، فيما الأصوليات تغزو والسوادُ يكتسح النفوس.
أما أنت يا شعبي الأرمنيّ الأبيّ، يا قومي النابض والمقتول لمئة عام، يا من ترفض الاستسلام والخنوع، وتعطي العالم دروساً في طول الصبر والأناة والانبعاث من رحم الموت سنابلَ حياةٍ وعزمٍ لا يعرف الوهن، ما أجملَك يا شعبي، ما أرقى قضيتك، وما أنبل مسيرتك، فما مددت يوماً يداً تشحد، بل أينما حللتَ ساهمت بناءً وعمرانا، وما قوّضتَ يوماً أمن ربوعٍ وطئتها قسراً، بل حمّلتَ فؤادك حبّ وطنٍ ثانٍ أهديته ألف وردة لإيوائك في أيام حالكة. أنت يا شعبيّ الأرمنيّ الفتي أبداً، لا يليق بك إلا الحياة، وكم يُشبه وطناك، لبنان وأرمنيا بعضهما، فكلاهما محاطٌ بلعنة الجيران وكلاهما ذُبِح ألف مرة، وكلاهما انتفضَ على الموت تَمسُّكاً بالحياة. حياةٌ رغماً عن المحيط، رغماً عن الحسّاد، رغماً عن الأمم الكبرى “المُتكالِبة”. أنت يا شعبي الأرمني كيف لي أن أكافئك أجملَ مِن أن أعرّب للعالمِ دُرراً خطَّها معبودُك باروير سيفاك في قصيدته: “إلى قومي”.
أنظُرُ مملوءاً بالروعِ
ممزوجاً بالدهشةِ تُسافر بي
إلى أمسك الغابر… أمسك الألم… العزّة… الفخرَ
أتساءلُ كيف؟ كيف اقتحمت الزمان الوعر؟ السماء الدكناء الغيوم؟
قطعتَ مسافاتٍ لا تهدأ لا تنتهي؟!
كيف نشطتَ؟ برعت؟ كيف جمعتَ من السمّ الزُّعافِ زهرَ النرجس المزروعِ في أتربة القهر؟!
كيف عصرتَ العسلَ الأشقرَ الوهّاج؟
سكبته في ألواحِ الشهدِ كما نحلة؟!
الغربةُ حوّلتَ حرقتها إلى طائرٍ لقلاق ينشر الحبَّ
الشجو الحنين النجوى
يسوقُ الجراح الثخينةَ كراعٍ يرعى قطعان الأوجاع مدارياً
منشداً ألوان العذاب
غداة تجتاح السيول المرعدة
كيف؟ كيف اغترفتَ من نبعِكَ الغرّيد قليل ماءٍ؟
ملء كفٍّ؟ ملء رفشٍ لتجعل طاحونةَ المياهِ تعملُ تدورُ تتألّقُ
تشلحُ حياةً جديدة تطحنُ خِصلَ نورٍ
أسفل الوادي السحيق بلا هوادةٍ لِتُشرِقَ الحياة… تُطلَّ على الروابي
على المروج الميتة… على السهولِ المذبوحة… على الوهادِ الموحشة
آلاف المرّات كبوتَ
أخبرني كيف؟ كيف نهضتَ؟
الى العالم من جديدٍ عُدتَ؟ بأجفان الموت تدثّرتَ؟
بأيّ أعجوبةٍ رجعت؟
كما هُمُ… أولئكَ همُ الحرائقُ
لكنّك في عتمة الليل الرهيب أنتَ النارُ
كنتَ الجمرَ… كنتَ النارَ
لستَ أيّ جمرٍ… لستَ أيّ نارٍ!
نارٌ في أحداق الصبايا المُظلمة
نوراً تَشُعُّ
في عروق الأبناءِ تُسري الدماءَ
نارُ الشعلةِ… شعلةِ العائلة المقدّسة
نارُ موقد التنّور… نارُ مدخنة البيت
نارُ القنديل المضيء المشتعِل
نارٌ… نارُ اللهب المروِّع
للفداءِ… للمعركةِ… للثأرِ
لرقصة النارِ… لبُشرى النصر
نارٌ تتّقِدُ… نارٌ لا تُطفَأُ
نارٌ تستعِرُ منذُ دهور… نارٌ… جمرٌ…
نارٌ تسطعُ على أرضٍ غريبة
نارٌ تُشرِقُ… نارٌ لا تُدمِّرُ… لا تُخرِّبُ… لا تنتشِرُ
بل تمتدُّ… تمتدُّ بعيداً لِتُنعِش وتنتعِش!
ومن كوميداس الذي يحكي الوجع نفسه منذ مائة عام حتى يومنا هذا قصيدة “الطائر الكركي”، “غرونغ” للأرمن والطائر اللقلاق باللغة الفصحى:
من أينَ أيّها الطائر تأتي؟
خادمُ صوتِك أنا
أيّها الطائر ألديك أخبارٌ من بلادي؟
لا تُسرِع إلى عشِّك سوف تصل
تركتُ أملاكي وكرومي
كلّما تأوّهتُ بآهٍ
سُلِخت روحي من الجذور
أيّها الطائر… تمهّل لحظة
رهنُ نبراتِك روحي
ألديك أخبارٌ من بلادي؟
أيّها الطائر لِم لا تردُّ على من يسألك بجواب؟
نشيدُكَ عذبٌ كما انسيابُ ماءٍ في دولاب
سواء في حلب أو ببغداد
أيُّها الطائر
ألديك أخبارٌ من بلادي؟
هُجِّرنا… أبعدنا… خُدعنا… تأمّلنا…
للملحِ للخُبز بشوقٍ أمسينا…
أيُّها الكركي ألديك أخبارٌ من بلادي؟
حلّ الخريفُ وعليك الرحيل
جمعتَ مئاتٍ ألوف الأسراب
من دون أن تشفي سؤالي بجواب
ولّيتَ الأدبار…
إرحل عن أرضي… إبعد عن الديار
ومن دانيال فاروجان شاعر أرمني قتله الأتراك قصة أم تنتظرُ عودة ابنها البار من ساحة المعركة التي يدافع فيها عن أرضه ضدّ التركي المغتصب فيعود محملاً جثة على عربة. “خذ قبساً أيّها السراج”:
هذي الليلة ليلةُ نصرٍ
فاملئي أيّتها العروسُ السراجَ زيتاً
ولدي من الوغى يعودُ منتصراً…
قلّمي أيّتها العروسُ طرف الفتيل
أسمعُ…. ضجيج عجلاتٍ
ألمحُ… ها هي عربةٌ تربضُ… ناحية البئرِ أمام باب الدار
هلُّمي… أنيري المصباح أيّتها العروس
ولدي المظفّرُ عائدٌ مرفوعَ الهامةِ
مُكلّلاً بوريقات غارٍ
هاتي الى البهو… الى المدخل… إلى الخارجِ
هاتي السراج!
ماذا أرى؟!
أحُمِّلتِ العربةُ الحزنَ؟ الّماء؟ الحداد؟
سلّطي الضوءَ يا عروس ههُنا
ابني الغريسُ المِغوار
في صدرِهِ النصلَ أغمدوا
آهٍ قلبَه فطروا!
أطفئي المصباح
أخمدي النور أيّتها العروس!
ومن فاهان تيكيان قصيدةٌ تبكي العدالة والظلم “إنّها تمطر يا بنيّ”
إنّها تمطر يا بنيّ
الخريفُ مبلولٌ مبلول
كما أعينٌ مسكينةٌ مخدوعةٌ بالحبِّ الخريفُ مبلول
قُم أغلق الباب والنافذة
عُد واجلس في هيبة السكون قبالتي هنا!
تُمطر في هدأة الصمتِ يا بنيّ
أفي أغوارِ روحكَ أحياناً تُمطِر؟
وإذا ما ألمَّ بقلبِك الصقيعُ هل ترتجف؟
هل تهتزّ؟ هل تقشعرّ؟
إذا لاحت شمسُ الأمسِ بهيّةً دافئة
وضاءةً في البال؟
أمام باب القدر الموصَد أجِدُكَ
في كنف الظلمة فجأةً تبكي يا بنيّ
ومن عينيكَ دموعٌ تفيضُ
دموعٌ حارقات… دموعٌ تتدحرجُ
إبكِ… واذرف الدمعَ مدرارا
إبكِ البراءة… ابكِ العدالة المغدورة
ابكِ يا ولدي المسكين! إنّك غافلٌ تجهلُ ما حدث
إبكِ يا طريدة الحياة
إبكِ آه أيها المسكين
إبكِ لتكبُر!
ولأنه عيد الأمُّ ولجميع الأمهات هنا قصيدةٌ يناجي فيها الشاعر الكبير كيغام ساريان أمّه الغائبة. “مع أمي”:
يُخيّلُ إليّ أنّي أسمعُ
أسمعُ أنفاسكِ تداعبُ الحلمَ الغافي
حلماً صوَّع ذاتي
أنتِ هنا… قربي ها هنا
رشفةُ همساتك بشوقٍ تتلاشى
على أسطُري هنا
ألمحُ محيّاكِ آتياً إليّ
من فُتحة الباب داخلاً عليَّ شهابٌ يُبرق حيناً كنيازك السماء
ويخبو طوراً خفوتَ سراج!
موقِنٌ بمُكوثي الدهرَ أنا
أرقبُ الليلَ ينسُجُ صلاتَكِ
وقلبُكِ المولَه بجنباتِ البيتِ هازجاً يرقُصُ
غداةَ البهجةُ الثكلى بأثوابٍ بيضٍ تحوم
غداة الحزنُ هدأة أنغامي يصرع
آهاتُك المرفرفة على الجبالِ على الوهادِ
تطيرُ كسربِ حمامٍ رافلٍ ثمّ… على طاولتي بِصخبٍ تحطّ
وكدوران الأرضِ حول شمسها عقلي حولك يدورُ… يطوف يا أمي
يحومُ كما الأرضُ حول أمّها تحومُ
عمري يدورُ يا أمي
وحالي على حالِها بلا حراكٍ مسلوبةٌ
فمن رحيق ثديِك الوضاء سال الليلُ
ووشَعَت دمائي بزخّات مطر
ومن خلال غتلِ الأرضِ المتوهّجة نوراً نظرت إليَّ شموسٌ كثر
على أنّي معك وحدك في الحياةِ ظللتِ نوري… حبي يا أمّي
والآن… لكِ أعزف ألحاني أغافيةٌ أنتِ أم صاحيةٌ يا أمي؟
وجهكِ الوردُ أراهُ تسدَّرَ دمعاً متأمِّلاً حالي!
يخيَّلُ إليَّ أني أسمعُ
أسمعُ همهماتِ أنفاسِك آتيةً نحوي
دفء همساتك يُخاتلني
برفقٍ يسقطُ… يرتمي…
ليفترشَ أسطري!
ومع هذه القصائد التي تعكس الروح الأرمنية المناضلة الأبيّة أختم مؤكّدةً أننا لا نحتاج الى أدلّة كثيرة لتشخيص الذهنية العثمانية المريضة، يكفي أن نتذكر معاً ما قاله أنور باشا بتغطرس في العام 1916: “سُنطَهّر الامبراطورية العثمانية من الأرمن واللبنانيين. لقد دمّرنا الأرمن بالسيف وسندمّر اللبنانيين بالمجاعة”. لهؤلاء نقول: لا لم تدمرونا. ما زلنا هنا. ولهؤلاء المستمرّين على نهج الانكار والاستقواء ذاته. للذين ردوا على دعوة الرئيس الارمني سيرج سركيسيان بطيّ صفحة الماضي ببادرة حضورهم فعاليات ذكرى الابادة في يريفان، لأولئك المُتذاكين الذين ردّوا الدعوة بوقاحة منقطعة النظير عبر تنظيم مئوية حرب غاليبولي في التاريخ نفسه، وبافتعالهم تاريخاً وهمياً أظهروا أنهم ما زالوا على المنوال نفسه من الانحطاط الاخلاقي، لأولئك نقول: حان لجروح الأرمن ومسيحيي المشرق عموماً أن تندمل. حان لقلوب أبناء الضحايا أن تستكين! ولا يفوتني هنا أن أحيّي الآلاف من المفكرين الأرمن وعرب والأجانب وحتى الأتراك الذين يعملون على تأكيد واقع المجزرة ويؤسسون بذلك لعالم خالٍ من القتل والذبح والبطش. أحيّي هرانت دينك المقتول غدراً من الأتراك أمام باب جريدته آغوس في اسطنبول بالعام 2007، أحيّي صبيحة غوكشين أول طيارة تحمل الجنسية التركية تبين انّها من جذور أرمنية، أحيي أورهان باموك حائز النوبل المعترف بالمجزرة، أحيّي أرمن الشتات، وأرمن أرمينيا، أحيّي رجب زركولو المناضل التركي لحقوق الانسان والملاحَق منذ 2008 لنشره كتاب المؤلف البريطاني جورج جيرجيان “الحقيقة ستُخلّصنا”. أحيّي فتحية شيتين التي نشرت كتابها “أمي” تحكي فيه جذورها الأرمنية في عقر تركيا متحدّية بذلك السلطات المستأسدة، أحيّي التركي جنغيز أكتار الداعي الى توقيع بيانٍ ضدّ الانكار وطلب الغفران من الأرمن، احيي المئات لا بل الآلاف من أمثالهم في مختلف أصقاع الأرض، حاملي شعلة المحبة والانسانية من دون تمييز في لونٍ أو عرقٍ أو دين، وأخيراً أحيّيكم أنتم هنا كلّ واحد منكم فرداً فرداً أيّها المناضلون في الصالة معي هنا، أحيّيكم على حضوركم الراقي الأبيّ المُنتفض دعماً لقضية محقة. ولذوي النفوس المُظلمة أؤكّد أننا لن ننسَ! لن ننسَ شهداءنا القدامى وأولئك القادمين حكماً. ولن نغضّ الطرف كذلك عمّا يحصل مع اخواننا من الأشوريين والمسيحيين وغير المسيحيين في العراق وسورية من مجازر. عبثاً تحاولون لأنّ البعض منا ما زال ينبضُ انسانيةً، البعض منا أرمنَ وعرباً وأجانب، وأشوريين وكلداناً ويونانيين ومسيحيين ومسلمين وحتى أتراك، ما زال يؤمن بالمحبة ولا بدّ لليل أن ينجلي، ولا بدّ للقيد أن ينكسر ولن تقوى علينا أبواب الجحيم!
*****
(*) ألقيت في ندوة “مئة عام على المجازر الأرمنية” ضمن المهرجان اللبناني للكتاب (في دورته الـ 34) الذي تنظمه الحركة الثقافية- أنطلياس (7- 22 مارس)، وشارك فيها الدكتور صالح زهر الدين والإعلامية بولا يعقوبيان، أدارتها الدكتورة كريستين بابيكيان عسّاف.