الكاتب والإعلامي بلال حسن التل
جملة من حقائق وجودنا الوطني التي ذكرنا بها جلالة القائد في كلمته التي وجهها الى شعبه مساء الثلاثاء الماضي..
اولها حقيقة اسلامنا، وحقيقة ان الاسلام مختطف وعلينا تحريره. فمن الفهم الحقيقي للاسلام, نقطة ارتكاز وجودنا الحضاري بدأ جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين كلمتة الى ابناء شعبه, التي اراد جلالتة الدخول منها الى المستقبل الذي نحلم به.. فلا احد يجادل في الارتباط العضوي بين الاسلام وطبيعة فهمنا له, وبين الواقع الحضاري للأمه في كل مرحلة من مراحل تاريخها وانه كثيراٌ ما أسيء فهم، وتم توظيف هذا الفهم لتحقيق اهداف ليس لها علاقة بحقيقته. وهي الحقيقة التي أشار اليها جلالتة عندما قال..
«فالاسلام ليس اطيافا والوانا او تطرفا واعتدالا. الاسلام الجامع هو دين الحق والسلام» وبهذا,فان جلالتة يؤشر لنا الى ان اولى خطوات دخول مستقبلنا الزاهر تتمثل في «تحرير الاسلام «واستعادتة من خاطفيه الذين اجتزأ كل منهم جزءاٌ منه, وصار يوظفه لتحقيق مخططاته، ويدعو لها على انها هي الاسلام، محاولا فرضها على الناس بكل الاساليب, بما في ذلك الارهاب والذبح، مما يبرأ منه الاسلام، ويفرض علينا ان نسعى جاهدين لبيان حقيقته التي كانت رسالة عمان والتي اطلقها جلالته قبل عشرة سنوات لبنة أساسية في عملية تحرير الاسلام واستعادته من خاطفيه التي صارت مهمتنا كلنا والتي علينا ان نهبّ لانجازها.
وعند الانجاز نحب ان نتوقف لنقول.. ان الوفاء لقيادتنا لا يكفي معه ان نقف عند حدود الثناء والاعجاب بما تقوله، بل لابد من ان نسعى ليبذل كل منا جهده لتحويل هذه الاقوال والتوجيهات الى برامج عمل في حياتنا تجسد أقوال القيادة في واقعنا وتثيريها عطاء, فكيف اذا كان الامر امر دين ووجود, كأمر تحرير الاسلام من مختطفيه، واعادة رسم صورته الحقيقية في اذهان الناس كافةٌ، وهذة مهمةٌ اخرى ذكرنا بها جلالته، وهي من صميم الفهم الحقيقي للاسلام الذي رتب مسوؤلية فردية على كل عاقل بالغ راشد، في ان يؤدي دوره في بناء وخدمة وحماية وطنه مصداقاٌ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسوؤل عن رعيته»وهذا بالضبط ما اشار اليه جلالته في كلمته عندما قال..
«وانتم ايها الأردنيون والأردنيات بعقولكم المستنيرة ووعيكم الرافض لأن يكون ابناؤكم وبناتكم وقوداُ للاطماع والظلام والاجندات التي لا تمثل انسانيتكم انتم صمام الامان وخط الدفاع الاول لهذا الوطن» وهذا تذكير واضح وبينّ من جلالتة لحقيقة الاسلام وفهمه لمعنى المواطنة وبناء الوطن على قاعدة «كلكم راع وكلكم مسوؤل عن رعيته» وعلى قاعدة «انت على ثغرة من ثغور الاسلام فلا يؤتينا من قبلك» والتي ترجمانها في ثقافتنا الوطنية.. بمقولة «كل مواطن خفير»التي صرنا في اشد الحاجة الى تجسيدها في حياتنا اليومية, لنكون حماة لوطننا وصماماٌ لأمانه..
ومن حقائق الاسلام الكبرى التي ذكرنا بها جلالته في كلمته الموجّهة لابناء شعبه الحقيقة المتمثلة في المقصد الاول للشريعة الاسلامية، وهي «حفظ النفس» ذلك أنه ما من عقيدة او تشريع في هذه الدنيا قدس الحياة واحترامها، مثلما فعل الاسلام الذي جعل الحفاظ عليها هو المقصد الاول من مقاصده، ولذلك اعتبر ان قتل نفس واحدة كقتل الناس جميعا, تأكيداٌ على قيمة الحياة لكل انسان مسلماٌ كان اوغير ذلك, فالقدسية والكرامة لجوهر الانسان, لا لدينة، لذلك جاء في القراّن «من قتل نفساٌ بغير نفس»، وجاء في القراّن «ولقد كرمنا بني اّدم» وفي الحالتين لم يحصر الاسلام قدسية الحياة وكرامة الانسان بالمسلم فقط.. فاين التكفيريون والظلاميون من هذة الحقيقة الكبرى التي ذكرنا بها جلالة الملك في كلمته لشعبه عندما اشار الى ان قدسية الحياة هي جوهر عقيدتنا؟ التي صار علينا حمايتها من ظلامية التكفيريين.
ومثلما ذكر القائد شعبه بحقائق دينهم, فقد ذكرهم بحقائق تاريخهم، واول هذة الحقائق ان الدولة الاردنية دولة دور ورسالة، وقد لخص جلالته ذلك بقوله «فنحن اردنيون، وجيشنا عربي منذ ان وجد, نفاخر باننا حملنا العروبة امانة وانتماء، جيشاٌ وشعباٌ, لم نهن يوماٌ بالرغم من ثقل ما نتحمل نحن لا نشكو، بل نفاخر، فالاردن «ارض العزم، وحدّ سيفه ما نبا» حمل راية الثورة العربية الكبرى كما حمل شرف مسوؤلية حماية القدس ومقدساتها، وقضايا الأمة والانسانية, وقيم التسامح والوسطية.وشهداؤنا يشهد لهم التاريخ انهم قضوا في سبيل الله دفاعاٌعن رسالة الاسلام وثرى الاردن، وكرامة شعبه وحلقوا عالياٌ رموزاٌ لكل اردني, لذا يحق لكم ايها الاردنيون والاردنيات ان تفاخروا بوطنكم، ان تفاخروا بانفسكم وانجازاتكم ويصدق الرائد الذي لا يكذب قومه ذكر جلالته أبناء شعبه بحقيقة اخرى, وسنة من سنن النهوض والعمران البشري، وهي ضرورة ان تتحول اقوالنا الى اعمال عندما ربط جلالته حديثه عن الدور والرسالة للدولة الاردنية وشعبها بالحديث عن العمل بقول جلالته: «لا تنسوا يوماٌ ان التفاخر هو بالعمل وليس بالقول».
وعند هذه الحقيقة، أحب ان اتوقف لأقول.. ان ما يريده قائد المسيرة منا ليس الوقوف عند حدود الثناء على ما يقول بل ترجمة افكار ومبادرات جلالته الى برامج عمل نحققها في حياتنا لبناء مستقبلنا الذي نحلم به,ولا مفر لنا من العمل لتحقيقه عبر تعزيز شرعية الانجاز التي ذكرنا بها جلالته وهو يستعرض انجازات وطننا، وكل واحدة منها تدعو كلاٌ منا لرفع راسه عاليا وهو الاستعراض الذي اراد جلالته من خلاله ان نستشرف المستقبل بذات العزيمة التي مكنتنا من بناء ما بنيناه فهل نخوض مع جلالته غمار المستقبل ليكون كما نحلم، ام نكون ممن تنطبق عليهم الآية الكريمه «اذهب أنت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون» وبالتاكيد فأن الاردنيين لن يخدلوا قائدهم وهم يعلمون أن الوقت وقت عمل وجد، عمل وجد، بهما تحقق الاحلام ويبني المستقبل.
*****
(*) رئيس المركز الأردني للدراسات والمعلومات وناشر وصاحب جريدة “اللواء” الأردنية.