نظم المنتدى الأكاديمي بيروت – برلين بالتعاون مع السفارة الألمانية في لبنان محاضرة بعنوان “السدود البسيطة في أرض المياه لبنان”، في قاعة المحاضرات في فندق جفينور روتانا بيروت.
قدّم أولاً الدكتور أمين الخليل رئيس المنتدى الأكاديمي بيروت – برلين نبذة عن المنتدى الذي إطلاق كمنتدى لربط بيروت كبوابة للعالم العربي من لبنان ببرلين كبوابة أوروبا من ألمانيا، وذلك في حقول التعليم والتطوير والعمل والثقافة والاجتماع والصناعة والاقتصاد والمال والأعمال، معدّدا بعض الإنجازات التي حققها، ومن أهمّها إنشاء المركز الألماني للتطوير الأكاديمي الأوّل من نوعه حول العالم، والذي يمهّد الطريق أمام المهندس اللبناني ببدء مسار طموح جديد إنطلاقاً من ألمانيا.
هوفمان
استعرض القنصل الألماني جان بيار هوفمان في محاضرته خبرة ألمانيا في الاستفادة من هذا النوع من السدود وإيجابياتها الكبيرة على المجتمع، كما على البيئة، ملقياً الضوء على أرقام ووقائع مثيرة ً للإعجاب.
رزق
بعد ذلك سلط المهندس جورج رزق، من وزارة الطاقة والمياه، الضوء على سياسة إنشاء السدود في لبنان، عموماً، وختم باستعراض مشروع سدّ صغير في منطقة رأس بعلبك، مشابه لتقنية السدود الصغيرة موضوع المحاضرة.
شحادة
من ثم شرح المهندس أيمن شحادة واقع لبنان المائي والكميات الهائلة لمياه الأمطار التي تتدفّق عبر مجاري الأنهار والجداول والوديان وتضيع هدراً في البحر المتوسط، قدّرت هذه الكمية بما لا يقلّ عن 4 مليارات متر مكعّب سنوياً، أي ما يعادل 20 ضعفاً من استهلاك المياه السنوي للشعب اللبناني.
أضاف: “إنشاء السدود في لبنان يبقى من الأولويات الضرورية لسياسات الدولة الإنمائية، ولكنها تحتاج لكثير من المجهود السياسي كما تحتاج قبل أيّ شيء للتغطية المالية التي غالباً ما تتطلّب سنوات طويلة لتأمينها، ومن هذا الواقع كانت فكرة إنشاء السدود البسيطة التي تسمّى في الدول الغربيّة بالحواجز المائية، والتي لا يمكن أن تكون مشروعاً بديلاً عن السدود العاديّة بل مشروعاً مكمّلاً لها وعامل إيجابي في حسن إدارة السياسة المائيّة”.
تابع: “السدّ البسيط هو عبارة عن حائط مصنوع من حائط فولاذي أو من هيكل خشبي يتمّ بناؤه وتركيبه في كلّ موقع على طول مجرى الوادي بإرتفاع لا يزيد عن 7 أو 8 أمتار بحيث يمكن أن يخزن خلفه كمية من المياه لا تقلّ عن 10 آلاف متر مكعّب، وذلك دون أي تكنولوجيات متطورة متطوّرة لتوليد الطاقة أو لتحويل المياه، بل مجرّد سدود بسيطة لتجميع المياه خلفها بكميات لا بأس بها”.
وأشار المهندس أيمن شحادة إلى أن التقديرات الأوليّة تدل على إمكانية وجود مئات المواقع على طول سفوح سلسلة جبال لبنان الغربية لجهة الغرب من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب والتي تلائم جغرافيّتها إنشاء مثل هذه السدود البسيطة، فتسمح بتخزين كميات تتراوح بين 10 آلاف متر مكعّب من المياه وصولاً إلى حدود المليون متر مكعب أو أكثر في بعض المواقع.
أوضح أن كلفة إنشاء السدود البسيطة لا يمكن مقارنتها بتلك المطلوبة لإنشاء السدود العادية، فهي أقلّ من ذلك بكثير لدرجة أن كلفة سدّ عادي واحد قد تكون أكثر من كافية لإنشاء ما يقارب 150 من هذه السدود البسيطة
ولفت إلى أن انتشار السدود البسيطة وبحيراتها على سفوح السلسلة الغربية وعلى طول الساحل اللبناني سيؤمّن مخزوناً مائيّاً إضافيّاً قد يصل إلى ما يقارب الـ 30 إلى 50 مليون متر مكعّب وأكثر من المياه. كثرة مثل هذه البحيرات ونتشارها سيكون له آثار إيجابية على جوانب عديدة منها:
1. تأمين مصادر إضافية لمياه الشرب والإستعمال والريّ عند الضرورة
2. تحسين نوعية المياه الجوفيّة
3. توسيع المساحات الخضراء
4. تطوير إيجابي للحياة البريّة
5. تسهيل الوصول إلى المياه لمقاومة حرائق الغابات وإيجابيات أخرى.
أكد أن الصعوبة الوحيدة التي قد تعترض طريق هذا المشروع، ولكن بشكل محدود، هي موضوع الاستملاك في بعض المواقع على أطراف الوديان والتي قد تكون ملكاً للقطاع الخاص.
وطالب بضرورة المباشرة بوضع دراسة عملانيّة لهذا المشروع وصولاً إلى تنفيذه بالكامل قد يتحقّق في غضون 3 إلى 4 سنوات، على أبعد تقدير، في حال تولّدت قناعة لدى المعنيين في لبنان بأهميّته وجدواه.
والملفت كان تأكيد المهندس أيمن شحادة إمكانية وجود جهات عربيّة وأجنبيّة صديقة قد تساهم في تغطية هذا المشروع بشكل جزئي أو حتّى كلّي.
أما السلبيّة الوحيدة التي قد يسببها هذا المشروع في بعض المواقع نتيجة غمر المياه لمساحات حرجيّة، فهذه، بحسب خبراء البيئة، يمكن تعويضها ومعادلتها عبر تشجير مساحات مماثلة أو أكبر، مطلّة على البحيرات، شرط الحرص على القيام بذلك، خاصّة أن هذا الإجراء ليس صعباً أو معقداً بسبب ضآلة مساحة مثل هذه البرك، بالمقارنة مع السدود العادية حول العالم، والتي تغطّي مياه بحيراتها مساحات شاسعة يصعب إنشاء بدائل لها.