الكاتب والإعلامي بلال حسن التل
المطارات هي واجهات الدول، وجواز مرورها إلى قلوب الداخلين إليها، أو الخارجين منها. ففي المطار يشكل الزائر أول انطباعاته عن الدولة، وفيه يُشكل المغادر آخر انطباعاته عن الدولة التي يغادرها أيضًا, لذلك تحرص دول العالم على تطوير مطاراتها وتحديثها حتى صارت بعض المدن تُعرف بمطاراتها، كما هي الحال في دبي مثلاً، ومطارها الذي صار من أهم مطارات العالم التي تحرص على راحة المسافر قادمًا أو مغادرًا، بعكس ما يجري عندنا في مطار الملكة علياء الدولي، الذي يلمس المسافر عبره تراجعًا ملموسًا في مستوى خدماته..
من ذلك على سبيل المثال ان المباني الجديدة للمطار لم تراعِ الكثير من سُبل الراحة للمسافر.. من ذلك: إن المبنى الجديد للمطار يخلو من الممرات الكهربائية المؤدية من والى بوابات الطائرات، أو تلك الواصلة بين أقسام المطار المختلفة، بالرغم مِنْ أن مِنْ عيوب المطار الجديد بُعد المسافات، سواء إلى بوابات الطائرات أو بين مرافقه المختلفة،
ومع ذلك فإن مباني المطار تخلو من الممرات الكهربائية التي تريح المسافرين، خاصة كبار السن، وأصحاب الحاجات الخاصة، وقد قيل: إن الشركة الضامنة للمطار بناءً وتشغيلاً تعمدت ان تكون ممرات المطار أقل بمسافة قصيرة من المسافة التي تلزم بإقامة الممرات الكهربائية، من باب توفير كلف الإنشاء على حساب راحة المسافر، وهي مشكلة يجب ان تبحث الجهات المختصة عن حل لها بعيدًا عن حسابات الربح والخسارة، التي يبدو انها تحكم قرارات الشركة المشغلة للمطار، وهي الحسابات التي يبدو انها كانت الدافع الرئيس لكثرة معارض، ومخازن البيع التي تكاد تحتل كل جنبات المطار بحجم وعدد لا يتناسب مع عدد الركاب المارين عبر مطار الملكة علياء، وصولاً ومغادرة، ولا ندري كيف تدبر المستأجرون أمورهم لاسترداد قيمة الأجور المرتفعة التي يدفعونها للشركة المستثمرة للمطار؟ والى أي حد يؤثر ذلك على أسعار السلع المعروضة في المتاجر المنتشرة في جنبات المطار.
لا تتوقف حسابات الربح والخسارة التي يبدو انها تتحكم في تسيير الأمور في مطار الملكة علياء عند حدود حرمان المسافر من وسائل الراحة، ومن بينها: الممرات الكهربائية.. وكذلك تراجع مستوى الخدمات في قاعة الدرجة الأولى، وفقر الضيافة فيها قياسًا إلى ما كانت عليه في المباني السابقة؛ بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المشروبات الساخنة والباردة، وكذلك السندويشات في سائر مقاهي المطار ومطاعمه، بل لقد امتد الأمر مؤخرًا ليصيب خدمة عربات الأمتعة. فلأسابيع قليلة كان استخدام عربات الأمتعة متاحًا للمسافر مجانًا كما هي الحال في معظم مطارات العالم، أو مقابل سعر رمزي في بعضها الآخر ليُفاجأ المسافر القادم إلى مطار الملكة علياء الدولي، أن عليه أن يدفع «خمسة دنانير» لشركة خاصة لا نعرف كيف صار لها حق احتكار هذه الخدمة، وبهذا السعر المرتفع الذي يضطر المسافر ان يضيف إليه إكرامية للشاب الذي يدفع عربة الأمتعة ـ رغمًا عن ان الشركة التي تحتكر خدمة عربات النقل كتبت ملاحظة على ورقة الإيصال، تطالب المسافر بدفع الإكرامية، ناسية أو متناسية ان هذه الإكرامية كانت هي البديل الوحيد لخدمة عربات الأمتعة قبل ان تحتكرها الشركة مقابل مبلغ لا يتناسب مع حجم هذه الخدمة البسيطة،
والشركة التي سلبت عمال المطار إكراميتهم لم تتوقف عند هذا الحد، بل صارت تنافس سائقي تكسي المطار، ومؤسسة المتقاعدين العسكريين صاحبة امتياز خط المطار، إذ ان الشركة الجديدة تعرض على المسافر خدمات التوصيل بسياراتها التي تقول انها «ليموزين» ومهما كان نوع سيارات الشركة فإنها بفعلتها هذه تدخل في منافسة مع مئات الأسر الأردنية التي تعتاش من عمل أربابها في تكسي المطار، من خلال مؤسسة المتقاعدين العسكريين التي صار عليها ان تتحرك لحماية حقوق العاملين والمتقاعدين معها. خاصة في ظل تسلل الكثيرين من أصحاب السيارات الخاصة إلى مدخل المطار وسرقتهم للركاب على حساب العاملين في إطار مؤسسة المتقاعدين العسكريين، وهذه ظاهرة خطيرة أيضًا لأنها قد تكون منفذًا للخروج على القوانين من خلال ابتزاز بعض المسافرين من غير الأردنيين أو تعرض هؤلاء المسافرين لما هو أخطر من الابتزاز. فهل تتحرك الجهات المعنية لمعالجة ما يجري في مطار الملكة علياء؟.
*****
(*) رئيس المركز الأردني للدراسات والمعلومات وناشر وصاحب جريدة اللواء الأردنية.