كرّمت بلدية جبيل ” والمجلس الثقافي في بلاد جبيل” البروفسور فيليب سالم بمناسبة صدور كتاب “فيليب سالم بأقلامهم” الذي أعدّه الصحافي أسعد الخوري، وذلك في قاعة دير سيدة المعونات في جبيل، بحضور شخصيات سياسية وثقافية ونقابية وإعلامية، شارك فيها: رئيس بلدية جبيل – بيبلوس زياد الحواط، الوزير السابق إدمون رزق، نقيب أطباء لبنان البروفسور أنطوان البستاني، رئيس المجلس الثقافي في بلاد جبيل الشاعر انطوان رعد، البروفسور فيليب سالم.
وقدّم الاحتفال عضو “المجلس الثقافي في بلاد جبيل” توفيق صفير وقال: يسرُّ المجلس الثقافي في بلاد جبيل ومجلس بلدية جبيل القيام بتكريم شخصية عبرت حدود الوطن… وأثبت أنها من طينة مجبولة باتقان… كأنها تحفةٌ. وهل يصدِّر لبنان الى العالم غير تحفٍ…
ثم كلمة رئيس بلدية جبيل – بيبلوس زياد الحواط الذي قال: “نكَرم عبقريا ملأ الدنيا بعلمه وشغل الناس بنظرياته الطبية وأفكاره الفلسفية، ولامست شفاءاتُه حدود العجائب بفضل موهبة أكرمه الله بها ، وعرف هو كيف ينمّيها ويغذّيها بجهده، وسهره، وتعبه، حتى بلغ بها مصاف العبقرية والابداع، ما يهمّنا، هو الشهادة لفيليب سالم من مدينة الأبجدية، من مدينة جبيل.
الدكتور فيليب سالم، بالرغم من الكثير الكثير الذي قيل فيه، قد يحتاج المرء الى مجلدات ومجلدات ليفيه حقه، وخاصة، بما أعطاه في مجال تخصصه في طب السرطان ، وما أضفاه من فلسفته في الانسان والوجود.
إن ما قرأته في كتاب ” فيليب سالم ، بأقلامهم ” من إعداد أسعد الخوري ، لم يترك لي فسحة من القول سوى الإعتزاز بفيليب سالم ، والإفتخار به كلبناني على سائر شعوب الأرض والأمم .
إدمون رزق
“رجل الانتماء والالتزام”، هو فيليب سالم كما أسماه ادمون رزق، وهو الى ذلك “رجل علم وفكرٍ، على تواضُعِ كِبَرٍ وثقةِ إيمان، بين الحضور، حيثما أقام، مُجَلٍ، ما تنّوعتِ المحافلُ وترامتِ الحَلبات”.
وقال: “غداة الميلاد، عشية المولد، فجرَ عامٍ جديد، يبدو تكريم البروفسور فيليب سالم، موقفاً معبّراً عن خيارٍ مبدئي، لعنوان المرحلة الراهنة والمـُزْمِعَةِ: الانتماء والالتزام، إنطلاقاً من “مدينة الحرف وحاضرة الكتاب”.
أضاف: “البروفسور سالم متعدد الموهبة، كرَّام من بلدة أعلام، لا يألو زرعاً ولا يني قِطافاً. منذورٌ للخدمة. يشيع حوله أملاً، بكلمات تخالُها تبشيراً، يخفّف ألماً، بلمَساتٍ تقولها نَضْحُ قداسة… مكافأته أن يرى طبّهُ شافياً!”
ووجه رزق تحية لسالم “مفخرة لبنانية راسخة في أرضها، متألقة على قمم المعرفة”.
أنطوان البستاني
قال البروفسور أنطوان البستاني : “يا الله، مع شكرنا لك لما انعمت به علينا من أطباء بارعين في أدائهم واخلاقياتهم المهنية، يرفعون مستوى الطب اللبناني عالياً في المنطقة ودنيا الاغتراب، هلّا تكرّمت علينا برفع عدد الاطباء من مستوى فيليب سالم العلمي وأدائه المهني أو بعضاً ممن يشبهونه ويتمثلون به؟
أطباء يعملون لمرضاهم من أجل شفائهم وراحتهم أكثر مما يعملون لذاتهم ولشهرتهم، أطباء لديهم مرجعية الاساتذة العلمية وتواضع الطالب اللاهث أبداً وراء إكتساب المعرفة لعلمهم أن لا حدود في عصرنا لتطور الطب وتقنياته مما يحوّل كلاً منا مهما علا شأنه العلمي إلى طالب طب لا نهاية لسني علمه”.
أضاف: “يا رب هذا تمني أعي صعوبته كي لا أقول استحالته. ولكن ما الضير في طلبه، الا تؤخذ الدنيا غلابا وأنت على كل شيء قدير؟ ورغم قدرتك الالهية، إذا صعب عليك تغيير عقلية سياسيينا أصحاب الأنا المضخمة حتى الانفجار، حتى ولو أدّت مواقفهم إلى فشل جماعي مراراً وتكراراً، دون الاعتبار قيد انملة، حتى ولو لاح في الافق خطر تشتت الجماعة وإندثارها، دون الاتعاظ ولو بذرّة من الحكمة والتضحية، اذا صعب عليك ذلك، هلا أرسلت الينا رجالاً يمتهنون السياسة كما يمتهن فيليب سالم الطب، لأجل الغير وليس لأجل الذات، لأجل الخير وليس لأجل الشهرة، يكونوا في خدمة إخوتهم بالرب وفي المواطنية وليس العكس، يموتوا ليحيا اللبنانيين وليس العكس”.
أنطوان رعد
ألقى الشاعر أنطوان رعد كلمة مما جاء فيها: “تجمع كتب الجغرافية على ان الزيت والزيتون هما من صادرات الكورة، وهي مصيبة في ما أجمعت عليه، ولكن فاتها أن أبناء الكورة المنتشرين تحت كل سماء هم أهم صادراتها، والبروفسور فيليب سالم واحد من هؤلاء.
إن من نكرّم الليلة نسر من الكورة الخضراء، المطلقُ بعض حدوده، والمستحيلُ أقرب أمنياته، هو الذي أبى أن يشكّ راية طموحه الّا في ملاعب النجوم، وهذا النسر راح يجوب الدنيا وفي منقاره غصن زيتون، وفي يده قطرة زيت يمسح بها جراح الانسانية المعذّبة.
فيليب سالم وهو من مواليد برج النجاح والتفوّق لم يكتفِ بعلاج المرضى وشفائهم، بل قطع على نفسه عهداً بأن يعالج الوطن المريض بعدما أوكلنا نحن اللبنانيين أمر علاجه إلى أطباء دجّالين مشعوذين همّهم أن يظلّ لبنان مريضاً لكي تبقى جيوبهم في بحبوحة وعافية”.
أضاف: “قبل فيليب سالم كان لبطرام مسقط رأسه شفيعان هما الطبيبان الشهيدان قزما ودميانوس وهما شفيعا قريتي أيضاً، أما مع فيليب سالم فقد أصبح لبطرام ثلاثة شفعاء، كما لو أن عدوى القدرة العجائبية قد انتقلت من دائرة الايمان المحض إلى دائرة العلم والايمان معاً. أليس فيليب سالم هو القائل: ” كنيستي عيادتي وعملي صلاتي وعبادتي”؟
رداً على سؤال لأحد محاوريه: ما هو التكريم الأحبّ إلى قلبك؟
أجاب: شفاء مريض وهو تكريم من الله… فهنيئاً للبنان لأن رجلاً من رجالاته يُكرّمُ في مشارق الأرض ومغاربها ويبقى قلبه مشدوداً إلى تراب وطنه الأم، ففي كل حفنة من تراب بطرّام نفحة من عبير الجنّة”.
فيليب سالم
“أجمل الكلام عندي هو الشكر” هكذا بدأ البروفسور سالم كلمته، موجهاً شكره إلى مكرّميه والخطباء الذين ” بيني وبينهم حبّ أكبر من الكلام الكبير، هو حبّنا للأرض في لبنان وشرف خدمة الضعفاء، وهل هناك ضعيف أكثر من المريض؟ معظم الناس تلهث وراء شرف خدمة الاقوياء، مبارك في الارض الذي يلهث وراء شرف خدمة الضعفاء”.
أضاف: “الطب يعلو فوق كل شيء. يعلو عن الدين والجغرافية والقومية والايديولوجية، يعلو الى الانسان. وعندما يضع المريض أغلى ما لديه، حياته، بين يدي الطبيب، على الطبيب أن ينشقّ عن نفسه ويرتفع إلى فوق، إلى مكانٍ هو أقرب إلى السماء منه إلى الأرض.
ساعات قليلة وتطلّ علينا سنة جديدة. في هذه السنة يصبح عمري كطبيب خمسين سنة. في هذ السنين تعلّمت أن المعرفة لا حدود لها. وكلّما غصت فيها كلما أقتربت من الله ومن أخيك الانسان. ان المعرفة تقودك إلى الايمان كما تقودك إلى محبة الآخر ومعانقته. كان فرانسيس كوليمز Francis Collims وهو من أشهر العلماء في الولايات المتحدة الاميركية رجلاً ملحداً، ولكنه بعد دراسته للجينات ووظائفها وترؤسه فريق الباحثين الذي رسم خريطة الجينات عند الانسان، أصبح رجلاً مؤمناً وكتب كتاباً بعنوان ” هذه هي لغة الله”. لقد كان “ابن سينا” على حق عندما قال:” قد درست الطبّ لأفهم الله”.