الكاتب الفرنسي باتريك Modiano هو رجل العام الأدبي.
الأكاديمية السويدية منحته جائزة نوبل للآداب العام 2014. الحائز الفرنسي الخامس عشر على الجائزة، منذ تأسيسها اعتبارا من العام 1901.
في براءة الجائزة وصّفت الأكاديمية عطاءات الرجل:” فنّ الذاكرة، الذي طرح عبره مصائر إنسانية عصيّة على الإدراك، وكشف عالم الإحتلال الإلماني…”
الذاكرة الشخصية ، طبعت أدبه في البحث عن الذات والهويّة المفقودة- المنسية، لشرخ عائلي، وغيبة الوالد عن كل مسارات طفولته.
في العام: أضاء في تفتيشاته الأدبية، على الشخصيات البشرية المأزومة والمضطهدة، التي مزّقتها يوميات الحرب العالمية الثانية، فضاعت ارقاماً بين الخنادق وخلال الهروب من المدن، والنزوحات وركام المطارح.
في رواياته “ساحة النجمة” و”جولة المساء” و”الطرق السريعة”، أضاء على باريس – المدينة تحت وطأة الاحتلال النازي، وانهيار الذاكرة أمام حشود الأحداث وإذلال الكرامة الوطنية الفرنسية!
حوالى ثلاثين رواية، وجائزة Goncourt وترجمات لإعماله. ولعل اللحظة الآدبية الأكثر حضوراً في كتاباته، سيرة باريس واضطرابها السياسي أيار 1968، التي انتهت بخروج الجنرال ديغول من الحياة السياسية إلى “راحة” كولومبي لي دوزغاليز…
مواصفات المرشّح المقبول لنيل الجائزة حدّدتها أكاديمية السويد لأي كاتب – فيلسوف – أديب، أن يكون قد جسّد بشخصيته، وأسهم عبر عطاءاته في إعلاء قيم حقوق الشعوب والأفراد، والتقائها لتقدم الإنسانية!
كلام مبدأي، يتناغم مع الهدف الأسمى الذي رسمه مؤسّس الجائزة، الكيميائي العالم ألفرد نوبل. غير أن المعايير تنوّعت مع المراحل الزمنية والظروف السياسية عبر النزاعات والحروب!
مطلع القرن الماضي، واعتبارا من 1901 يوم منحت لأول مرّة جائزة الأداب للكاتب الفرنسي Prudhomme، كانت المثاليات لا تزال تحكم قرارات اللجنة. فحجبتها عن كتـّاب عالميين كبار، أمثال: تولستوي وتشيخوف وزولا وهنري James وهاردي وIbsen، لأن اعمالهم اعتبرتها سوداوية أو متشائمة…
في الثلاثينات حرصت الأكاديمية السويدية على استبعاد الأسماء الأدبية الكبيرة في أوروبا، التي تعادي النازية، كبرخت وهيرمان و Broch خوفاً من ردة فعل هتلر …
فاستراتيجية الأكاديمية، راعت في استحقاقات كثيرة الظروف السياسية لكثير من البلدان، في اختيارها الكتـّّاب. تارة استبعاداً وأحياناً تزكية، تبعا لعلاقاتهم بزعماء بلدانهم!! غارسيا ماركيز كان صديقاً لكاسترو، ونيرودا داعماً لنظام ستالين وخورخي بورخيز كان متعاطفاً مع الأنظمة الديكتاتورية في الأرجنتين والتشيلي…
وأحيانا كثيرة حملت الجائزة دلالة سياسية، عبر منحها لكتـّاب منشقين ومنفيين ومضطهدين. أسماء كثيرة. بوريس ﭙاسترناك، ﭙابلو نيرودا، سولجنتسين، و Gao xing jian …
ظاهرة وحيدة لافتة: يوم رفض الكاتب الفرنسي، فيلسوف “الوجودية” جان ﭙول سارتر، استلام الجائزة في العام 1964. مبرّرا بالقول: “لا اريد جائزة نوبل حتى لا أكرّس قبل موتي!”
وأضاف: “أنا أملك الحق والحرية بتغيير قناعاتي بالقرار والالتزام، ولم انجز أعمالي بعد، وقد أغيّر آرائي ؟؟”
أدباء كثيرون التزموا بقضايا شعوبهم وناضلوا من أجل قيم الحرية والعدالة وحق تقرير المصير وتركوا ابداعات هائلة، ألهمت ثوارا|ً وأشعلت ثورات تغييرية في بنى مجتمعاتهم …
في غمرة هذا الاحتدام في المنطقة العربية لم نقرأ بعد، عملا أدبياً له نكهة الموقف والإستشراف!
هذا الفراغ، قد يريح الأكاديمية السويدية !!!