“العاشقة والسكير”… قصص عراقية حول شبح دكتاتور يطارد الضحايا في الغربة

guilaf ashicaتقدم الكاتبة العراقية ناهدة جابر جاسم في مجموعتها القصصية “العاشقة والسكير” (78 صفحة متوسطة القطع دار الأدهم للنشر والتوزيع) في القاهرة، مشاهد من عواصف السياسة في بلادها، وكيف انعكست على المرأة التي تحولت من مناهضة للاستبداد إلى كائن مهزوم ومهتز نفسياً، فيطاردها شبح الدكتاتور وشبح زوج يتخلى عنها بعدما قاسمها الكفاح ثم انهزم هو الآخر واستسلم لإدمان الخمر.

تلخص دراما القصص كيف يؤدي القهر والخوف في زمن الدكتاتورية إلى شروخ في الروح لا تلتئم في وقت لاحق، حتى لو تمتع الإنسان بالحرية في بلد يحترم حقوق الإنسان، إذ يظل الماضي يطارد ضحاياه.

ففي قصة “القديسة والشيطان” تتوزع مشاعر امرأة شرقية بين زوج سكير منشغل عنها غير مبال بها، وعاشق مشغول بها. وتتمزق مشاعرها وهي تستحضر بأسى تجربتها الطويلة والقاسية “مع الثوار في شمالي العراق ومعسكرات اللجوء” حين سبقها الزوج إلى المنفى.

وتلخص القصة موقف الزوجة بأنها كانت “قديسة ومحبة وكان هو شيطاناً وقاتلا”، وتنتهي نهاية مفتوحة فلا نعرف كيف ستحدد البطلة مصيرها في بلد بأقصى الشمال الأوروبي، يمنح الإنسان حرية لا يتاح شيء منها في العراق.

ناهدة جابر جاسم، كما تسجل الصفحة الأخيرة، ولدت في الديوانية بجنوب العراق “والتحقت بصفوف الثوار في كردستان العراق 1985 وأصيبت بالأسلحة الكيماوية في 5 يونيو 1987… وفي حملة الأنفال أغسطس 1988 نزحت مع جموع الأكراد إلى الحدود التركية، وظلت في معسكرات اللجوء في أقصى شمالي إيران. ومنذ 1991 تقيم في الدنمارك حيث عملت في منظمة مساعدة اللاجئين الدنمركية كما عملت مترجمة في منظمة الصليب الأحمر.

تدور أغلب القصص بين العراق والشمال الأوروبي. فقصة “وداعا ابنتي” التي تهديها المؤلفة إلى أبيها، تلتقط لحظة مكاشفة إنسانية بين فتاة مناضلة -تمارس العمل السري ثم تلتحق بالمقاومة المسلحة- وأب طيب كانت تظنه جباناً يتجنب السياسة منذ اعتقل بمقر الحرس القومي، ثم يتضح لها كيف عانى حين أجبروه على توقيع براءته من ابنته “الشيوعية العاهرة”، ولكنه يغامر في زمن الدكتاتورية ويحتمل مشقة السفر إلى الخارج لكي يرى ابنته.

وفي قصة “ذات صباح غائم” تحمل الغيوم الاسكندنافية شجناً جديداً حين تفتقد بطلة القصة التواصل الإنساني مع زوجها الذي قاسمته “تفاصيل الحياة والعذاب والتشرد والجسد الذي كان شامخا وعامرا بالصحة والفرح” وهي الآن تفتقد الفرح لأن الذاكرة يقظة تنقلها إلى “موقع الثوار… حينما قصفنا الدكتاتور بغازاته السامة”.

وتشعر البطلة بعدم  جدوى كفاحها القديم وتفقد الحياة معناها فتتساوى لديها الحياة والموت فتقرر “السفر إلى الأبدية” في صمت.

(رويترز)

اترك رد