تساؤلات حول فوائد إرسال “الأطفال” المبكر إلى المدرسة

الأديبة ميشلين حبيب

مع موسم العودة إلى المدارس ورؤية أطفال صغار جداً في السن يتوجّهون إلى المدرسة لأول مرة والدموع تترقرق
micheline newمن أعينهم والحزن والارتباك باديان عليهم يطرح سؤال مهم نفسه: لماذا يجب أن يلتحق الأطفال بالمدرسة في سن مبكرة جداً ويمضون فيها سنتين إلى أن يبلغوا سن الخامسة حيث يبدأون التعلّم الفعلي نوعاً ما في صف الروضة الثانية أي KG2 ؟ إن فكرنا قليلاً نجد أنفسنا أمام أسئلة مهمة أخرى:

أليس إجحافاً بحق الطفل أن ننتزعه من سريره في الصباح الباكر بخاصة في الشتاء ونرسله إلى المدرسة في حافلة المدرسة أو في سيارتنا الخاصة؟

لماذا يجب أن يمضي الطفل سنتين في المدرسة التي هي مكان جديد وغريب بالنسبة له عوضاً عن البقاء في المنزل الذي هو بيئته المألوفة الدافئة التي يحتاجها لينموعاطفياً في هذه السن؟

ثم إن معظم الأطفال يذهبون إلى دار الحضانة garderie/Day care وسيشقّ عليهم تركها فلماذا لا يبقون فيها إلى أن يبلغوا الخامسة فيلتحقون عندها بالمدرسة؟ واذا كان الطفل في دار الحضانة أصلاً (لأننا كما نعلم معظم الأطفال يجب أن يذهبوا إلى دار الحضانة سواء كانت الأم تعمل أم لا وهذا أمر نتطرق إليه لاحقاً) قد تعلّم ما تعلّم ماذا سيزيدون على ذلك في المدرسة؟ أليس الأفضل أن يبقى في دار الحضانة التي من المستحسن أن يكون لديها روضة تحضّر الأطفال للمدرسة؟

ماذا يتعلّم الولد في الروضة الأولى وما قبل الأولى غير أسماء الألوان والأحرف وبعض الأغاني واستخدام أقلام التلوين واللعب فهو صغير جداً ليقوم بأشياء أخرى أصلاً. طبعاً هناك من سيقول و”كتابة اسمه”. نعم هذا مهم جداً لأنه بذلك سيتمكن من توقيع المعاملات والأوراق الرسمية أليس كذلك؟ لا يجب أن يتعلم الطفل كتابة اسمه أو غير اسمه في هذه السن المبكرة. فذلك إجحاف بحق الطفل ومناف لكل المبادئ التعليمية والتربوية الصحيحة إذ أن مهارات الطفل الحركية الدقيقة لا تكون قد نميت بعد في هذه السن المبكرة ولذلك هو غير قادر على إمساك القلم والتحكم بيديه.atfal- madrasa

إن أفضل أنظمة التعليم في العالم تنص على ذهاب الأطفال إلى المدرسة للمرة الأولى في سن السادسة لأنهم يعتبرون أن قدرات الطفل الفكرية تكون قد نميت وقد أصبح قادراً عاطفياً ونفسياً على ترك المنزل، كذلك تكون مهاراتهم الحركية ومهاراتهم الحركية الدقيقة قد نميت أيضاً وأصبحوا جاهزين للمدرسة. أما بالنسبة للاختلاط الاجتماعي فهناك طرق أخرى يمكن أن يحصل ذلك من خلالها وهي مراكز متخصصة حيث يزورها الطفل مرتين أو ثلاثة في الأسبوع على أقصى حد.

بعد كل ما ذكر يبقى السؤال الأهم، أليس إجحافاً بحق الأهل جعلهم يدفعون أقساطاً مرهقة (بخاصة إذا كان لديهم ولدين أو ثلاثة في مرحلة الروضة وما قبل الروضة) لمدة سنتين حيث لن يتعلم الطفل أموراً مهمة وحيث لن يزيد ذلك شيئاً على حياتهم المدرسية المستقبلية؟

ألم يحن الوقت لنفعل ما يناسب الإنسان وليس ما يناسب جيبنا؟ حبذا لو تعيد المدارس والدولة النظر في هذا الأمر وفي نظامنا التعليمي ومناهجه. لماذا يجب أن يمضي التلميذ 15 سنة من عمره في المدرسة؟ هو نظام فرنسي قديم تعودنا عليه وحان الوقت لأن نقوم بما يناسب بيئتنا وحاجاتنا والأهم من كل ذلك أطفالنا وأولادنا. وإن كان الإصرار على اتّباع النظام الفرنسي فلتكون الأمور مثله في كل شيء ولتصبح دور الحضانة والروضات كلها مجانية كما هي في فرنسا.

اترك رد