افتتحت جامعة القديس يوسف في بيروت نشاطاتها الثقافية للعام الجامعي 2014- 2015، تحت عنوان الفنون وتضاد القدر”، بمحاضرة للشاعر أدونيس تمحورت حول سؤال: “هل الشعر يغير؟ وكيف يغير؟”حضرها حشد من المهتمين.
بداية كلمة تقديم من الشاعر عبدو وازن، ثم تحدث ادونيس فقال “أنه لا يفصل الشعر عن الفكر”، مبديا احترامه لجميع المتدينين وأيضا جميع اللامتدينين.
وأضاف: “بمجرد اعتبار ان النبي محمد هو آخر الانبياء وأن الحقائق التي قام بتبليغها هي آخر الحقائق فإن ذلك يعني أن لا نبي آخر ولا أفكار اخرى. وهذا يعني ايضا ان ليس على الانسان ان يبدل وإنما يجب ان يطيع ويطبق”.
وتابع: “هذا يعني أن الآخر غير موجود الا بوصفه منبوذا. فإذا ذهبنا بهذا الاتجاه فإن الله لم يعد لديه شيء يقوله، لأنه قال آخر الكلام لآخر نبي”. وأشار إلى غياب البعد المسيحي عن هذا الفضاء العربي، باعتبار أن المسيحية مكون حضاري”.
أستطرد: “نحن المسلمين العرب نعيش في عالم ديني بلا ثقافة، ونعيش في ذروة استلابية قد لا يكون لها مثيل. لسنا انفسنا، ولسنا غيرنا، ونحن في الفراغ، وفي نقطة الصفر”.
ورأى “انه لا يمكن ان نبحث في كيف يغير الشعر اذا لم نبحث في هذا الواقع، لأن الشعر جزء من هذا الواقع. وتساءل ما معنى الشعر؟ ما الشعر اليوم؟ واجاب: “انا شخصيا لم أعد أعرف ما هو الشعر”.
وقال: “هذا شيء جميل ومثله مثل الحب، ولكن في السياق الذي نتحدث عنه لم يعد من معنى للشعر. ونظريا لم يعد له علاقة مباشرة بالواقع، وبالتالي لا معنى لأي شعر يندرج في سياق الثقافة القائمة كما وصفته. فهل هناك شعر عربي لا يندرج في هذه الثقافة؟”
وقال: “الشعر الملتزم لم يفعل شيئا، وقد فقد حضوره، كأنه غيمة مرت. الشعر يغير، ولكن كيف؟ إنه يغير في العلاقات بين الكلمة والأشياء، وهذا يؤدي إلى علاقة بين الانسان والشيء والى تغير في الوعي الجمالي والفكري الفردي للانسان”.
وسئل عما اذا كان الشعر يوحد الهويات العربية فقال:”من مشكلات الثقافة السائدة هي مشكلة الهوية. فالهوية يتم توريثها سلفا، وأنا ضد ذلك، وكل خلاق يجب ان يكون ضد ذلك. فالهوية تبحث في المستقبل، وتجيء من أمامه وليس من ورائه. الهوية ابداع، والانسان يبدع هويته كما يبدع فكره، ويجب ان نكافح من اجل ان تكون هويتنا امامنا. علينا رفض هذه الهوية الكاذبة”.
محمد الأمين
ألقى السيد محمد حسن الأمين مداخلة أيد فيها كلام ادونيس حول “أن الشعر سواء في الصحوة القومية أو الاسلامية لم يكن له من تأثير على الوعي العربي العام، ولكن اختلف معه حول توقف الوعي، وأن الثقافة استبدادية واستعادة للماضي ففي ذلك ظلم”.
وتابع: “اما عن كلامه حول النبي فاقول إن آخر ما احتاج إليه الإنسان من إرشاد الهي، من وحي سماوي هو من أجل أن يتحرر العقل من أسئلة الغيب، وأن يتابع اكتشاف الكون والعالم وصولا إلى الله. وأنت يا أدونيس واحد من الذين يكدحون في سبيل هذه الحقيقة”.
ورد ادونيس موضحاً أنه كان يجب أن يقول ثقافة سائدة، وأن ايمان فردي، وايمان مؤسسي. “انا لا اتحدث عن الايمان الفردي بل المؤسسي.”
وتابع: “لو اتخذنا لبنان مثلا لكان الاول في العالم، ولكن هذا البلد الذي يتفوق بافراده هو آخر بلدان العالم في ما يتعلق بالمؤسسات”.
وشدد في حكمه “على ما هو سائد في الثقافة العربية سواء في بيوتنا إو جامعاتنا ودعا الى الغاء كلمة اقلية من معجم الحياة السياسية، فثمة مواطنون متساوون بالحقوق والواجبات”.
وكرر “أن المسيحية كبعد حضاري شبه غائبة، وأن الدور الذي أدته في القرن التاسع عشر كان يجب أن يكون انضج حاليا. ولكن كما سيطرت الفكرة المؤسسية على العالم الإسلامي سيطرت أيضا المؤسسية على العالم المسيحي”.
وسئل عما اذا كان في عبارة الشعب يريد روحاً شاعرية فاجاب: “من الشعب؟ “اليمين أو اليسار أو الوسط أو الذين على الكراسي؟ الشعب يخطئ كما يخطئ الفرد. ثمة أوهام حول الشعب. لا اؤمن بما يسمى الجمهور ولا الشعب. يجب ان نغير اللغة السائدة عن قضايانا الراهنة”.
وختم قائلا: “ثروتنا الدين والشعر، وانتم ترون إلى أين وصل الدين، أما الشعر فحالته مضعضعة”، مشيداً “بدور الفنون التشكيلية والمسرح في إحداث التغير”.
*****
موقع ليبانون فايلز