يأتي عيد الأضحى المبارك هذا العام، كما هو العيد منذ بداية القرن العشرين، وكما كان أيام أبو الطيب المتنبي، حيث يحفل بالآلام والمخاطر والانقسامات مما دفعه لقول بيته الشعري: “عيد بأية حال عدت يا عيد”. واليوم يعيش العرب والمسلمون في ظل مخاطر وتحديات كبيرة، وينتشر سفك الدماء من أقصى المغرب إلى بلاد أفغانستان وباكستان مروراً بسوريا والعراق ومصر وليبيا.
فعشية العيد يرتكب المجرمون في سوريا مجزرة بحق الأطفال وطلاب المدارس ويزرعون السيارات المفخخة في شوارع بغداد.
وعشية العيد يستمر تنظيم “داعش” بحفلات الذبح المصورة دون أي وازع ديني أو أخلاقي، وهم مستمرون في مجازرهم ضد المسلمين والمسيحيين والأيزيديين من أكراد وعرب وتركمان، وعشية العيد يعود الاستعمار مجدداً لبلادنا من خلال “التحالف الدولي ــ الإقليمي” تحت عنوان الحرب على تنظيم “داعش” وأخواته وتبدأ عمليات القصف ضد بلادنا وتستعد تركيا لشن حملة برية ضد سوريا والعراق، وكأننا نعود مجدداً إلى القرون الماضية حيث تسعى تركيا لاستعادة دورها السلطاني في بلادنا.
ولا يمكن الاستمرار بذكرى المآسي والمشكلات التي يواجهها العرب والمسلمون عشية عيد الأضحى المبارك، لأن ذكر كل ذلك يدمي القلب وينشر الكآبة واليأس في صفوف أبناء هذه الأمة.
لكن رغم قسوة هذا المشهد يظل الأمل منعقداً بالعقول النيرة وبالمجاهدين الأبطال الذين يواجهون الأعداء من الداخل والخارج.
كما يظل الأمل منعقداً بإيماننا بالله عز وجل وأنه مهما طال الليل واستمر الظلام فلا بد للفجر أن ينجلي.
فخلال السنوات المائة الماضية التي تلت نهاية الخلافة العثمانية وبدء المرحلة الاستعمارية القديمة، شهدنا عشرات الثورات الشعبية وبروز الحركات الإسلامية والمقاومات الوطنية والإسلامية والقومية، وبروز مئات العلماء والمفكرين والمجتهدين، والذين كانوا يواجهون الاستعمار والتخلف ويدعون للنهضة والتطوير والتجديد.
واليوم وفي عيد الأضحى المبارك نقول للجميع: كل عام وأنتم بخير، ولا بد أن يبرز في هذه الأمة تيار جديد يجمع بين مقاومة الاستعمار والاحتلال ومواجهة الظلم والديكتاتورية والطغيان والوقوف بوجه التطرف والتخلف والعنف وهذا أحد طرق الخلاص.
وإذا الشعــب يومــاً أراد الحيــاة فلا بـــد أن يستجيب القــدر.
*****
(*) المرصد اليومي، مؤسسة الفكر الإسلامي المعاصر