الأديب ميشال معيكي
خطاب اوباما أمام الجمعية العامّة للأمم المتحدة ذكّرنا بمنبريته الإرتجالية إبان حملته الرئاسية الأولى وبشعاره البركاني (Yes we can ) نعم نستطيع …
لكنه ايضا اعاد الى الإذهان ، هجومية الرئيس بوش الأبن، حامل أختام المحافظين الجدد ! أوباما الشوفيني هذه المرّة ، إستفاض بالكلام على أوحدية زعامة أميركا ” التي لا ثابت سواها “، في شبه رسالة الى روسيا والصين، مؤكّدا على قيادة أميركا للتحالف الدولي ” لتدمير الإرهاب ، عبر إستراتيجية مستدامة “…
أميركا تخوض حربا جديدة في المنطقة على رأس إئتلاف عربي- دولي … الفارق الوحيد هذه المرة هو الإجماع العربي الرسمي والشعبي…
فالدول مذعورة ومعها شعوبها ، والكل يبحث عن سلامة مصالحه، بسبب ” انجازات ” أبو بكر البغدادي اتي جعلت من الظواهري ” بابا نويل “بالمقارنة!
هل ذبحُ الصحافيّين الأميركيي James foley , Steven sotloff غّير موقف اوباما في الخارجية تحت ضغط الرأي العام الأميركي وإقتراب موعد الإنتخابات التشريعية في أميركا؟ .. أحد الإحتمالات …
قتل الصحافيَين يشبه الى حدّ بعيد غارة الكاميكاز اليابانية وتدمير الأسطول الأميركي في ﭙيرل هاربر … فجيعة عسكرية هزّت الوجدان ألاميركي يومها وأجبرتها على الإنخراط في الحرب العالمية الثانية ، وما تلا من قصف اليابان بالقنابل النووية لانهاء الحرب .
كان الرئيس اوباما يحلم بإنهاء جميع الحروب التي اشعلها سلفه جورج بوش… لكنه راقص Tango فريد .. خطوة الى امام ، خطوة الى وراء ،وأحيانا أثنتين!
ومهما كانت تبريرات اوباما السلمية لسحب الجيوش وعزل اميركا عن الصراعات (سياسة غير واقعيّة لقوة عظمى) ، فإنّ أخطاء مميتة ارتكبتها الإدارة الأميركية تجبرها حاليا على الانخراط مجددا في حروب المنطقة!
إنسحاب اميركا من العراق عسكريا وبسرعة , وفي ظل حكومة مذهبية إقصائية فاشلة وضعيفة ، هذا الإنسحاب غير المدروس , ترك فراغا ملأه الإرهاب.
الخطأ الثاني كانفي التلكؤ غير المبرّر، في تسليح معارضة سورية معتدلة ، لإنهاء نظام دمشق ، الذي طالما اعتبرته واشنطن ” قاتلا لشعبه ، وبأن إيامه أصبحت معدودة ” ، كما ردّد دوما الرئيس اوباما …
هذان الفراغان اللذان تسببت بهما أميركا ، افرزا تربة خصبة لنموّ ما يسمّى “دولة الخلافة ” …
ذكريات شعوب المنطقة مع الائتلافات التي تقودها اميركا ليست زهرية على الإطلاق !..
فنتائج غزو العراق للإطاحة بنظام صدّام بسبب امتلاكه اسلحة الدمار الشامل ولإقامة نظام ديمقراطي بالقوة – على حد زعم بوش الإبن – مزّقت العراق وأيقظت كلّ الشياطين النائمة …
هذا الإئتلاف اليوم الى أين؟
كلّ الدلائل تشير الى استحالة إجتثاث داعش فقط بالغارات الجوية ! أميركا اعلنت امتناعها عن خوض حرب برية ، كذلك سائر الجيوش الغربية والعربية المشاركة بالحملة . ( ما عدا تركيا )
تبقى فرضيتان :اما الإستعانة بإيران للقضاء على داعش في العراق، أو الإستنجاد بنظام الأسد أو بالجيش الحرّ في سوريا ، للإجهاز على دولة الخلافة !…
بالنسبة للعراق لا تبدو اميركا ومعها الغرب , متحمسة لدفع أثمان لطهران ، لقاء هذه “الخدمة ” وعلى رأسها النووي والتسليم بنفوذ إيران في المنطقة.
سورياً , العداء العلني – على الأقل- قائم مع نظام الأسد ، والخيار الثاني عبر تقوية المعارضة المعتدلة سيأخذ وقتا طويلا …
فهمنا جيدا معنى كلام اوباما … بأنّ هذه الحرب ستستغرق سنوات…
سؤال ساذج : هل تستمر أميركا سنوات ومعها التحالف في هذه الحرب؟ ماذا عن الكلفة ؟ ولمصلحة من ؟
ملاحظـة من خارج السياق:
الطيّارة مريم المنصوري قائدة السرب الإماراتي المشارك في الحرب، تحلّق في الأجواء العربية، فيما سعاد العثيمين محظور عليها قيادة سيارتها في شوارع جدّة !!!
قبل أيام كنت أقرأ كتابا للروائي المصري جمال الغيطاني صدر في العام 1968 بعنوان : ” أوراق شاب عاش من ألف عام ” حول بشاعة ممارسات العصر الملوكي…
على شاشة ال CNN كانت قوافل الداعشيين بإزياء القرون الوسطى تلوّح بالإعلام السود على متن سيارات ال Hummer الأميركية!
كأنها قامات من رواية الغيطاني، وحكايات سوريالية … بلـون الـدّم!
*******
(*) برنامج “علـى مسؤوليتـــي” إذاعـة صوت لبنـان