وجه بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، “نداء السلام” إلى “أصحاب السماحة الأجلاء المشايخ والمفتين والعلماء ورؤساء المرجعيات الروحية الإسلامية”، مناشدا إياهم توجيه دعوات ونداءات لأجل إنجاح مؤتمر “جنيف 2”. جاء في النداء:
مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر جنيف 2 لأجل إحلال السلام في سوريا الرازحة تحت عبء وطأة الأزمة المدمرة الدموية القاتلة التي تقترب من بدء عامها الرابع، أكتب هذه الرسالة لكم من مركز مجلس الكنائس العالمي في جنيف. وقد دعيت مع إخوة لي بطاركة ومطارنة ورجال دين وعلمانيين من مختلف الطوائف المسيحية في العالم أجمع إلى خلوة روحية كنسية لكي نطلق نداء مسيحيا وجدانيا إنسانيا واضحا إلى العالم أجمع، لا سيما إلى الأفراد والدول الذين يشاركون في مؤتمر جنيف 2 لكي نسهم في إنجاح هذا المؤتمر، ولأجل إنهاء مسلسل العنف والقتل والدمار، وإحلال السلام في سوريا الحبيبة. وقناعتنا أن حل هذا الصراع الدموي المأساوي المدمر سيكون له تأثير مفصلي كبير على مستقبل منطقتنا وبلادنا العربية، وأمنها وسلامها واستقرارها وازدهارها.
من وحي هذه الخلوة المسيحية في جنيف، وبصفتي الشخصية، أطلق هذا النداء إلى إخوتي أصحاب السماحة الشيوخ والمفتين والعلماء ورؤساء المرجعيات الروحية في عالمنا العربي المحبوب، داعيا إياهم إلى مبادرة مماثلة، وإرسال رسائل ونداءات مشتركة أو منفردة من كل بلد تتضمن توجهات روحية من وحي القرآن الكريم وتعاليمه الكريمة، ودعوات لأجل إنجاح مؤتمر جنيف 2، لأنه نجاح يعود بالخير والبركة والأمن والأمان والسلام على كل بلادنا العربية المباركة، لا بل للعالم أجمع، انطلاقا من مشرقنا العربي مهد الديانات والحضارات.
إن تضامننا، رجال دين مسيحيين ومسلمين في إهداء نداء روحي مسيحي-إسلامي نابع من قناعاتنا الإيمانية المقدسة، في هذا الظرف التاريخي المصيري الفريد، سيكون له وقع كبير على المشاركين في المؤتمر، وعلى مواطنينا في بلدانا العربية، وسيكون دعوة إلى إشاعة الأمل والارتياح في قلوبنا جميعا، وسيساعد على بناء الثقة والمحبة بين المواطنين، وإقصاء مشاعر الفتنة والتنافر والتباغض التي تتنامى بأسف شديد رويدا رويدا بين أبناء الوطن الواحد.
آمل أن تلقى هذه الدعوة، التي أوجهها بمحبة كبيرة عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وقعا جيدا في قلوبكم أيها الأحباء، وترحيبا وتجاوبا. وهكذا من خلال النداء المسيحي من جنيف والنداءات الإسلامية من الدول العربية والمراجع الإسلامية، نعطي مثلا روحيا دينيا مسيحيا إسلاميا رائعا تجاه الناس ونسهم في تحقيق العطية الكبرى لبلادنا ألا وهي السلام.
هذا السلام هو من أسماء الله الحسنى في الإسلام. وهو برنامج أنشودة الملائكة في عيد ميلاد السيد المسيح الذي عيدنا له منذ أيام وبها أنهي هذه الدعوة: “المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة”. ولنسمع معا تطويب السيد المسيح للساعين إلى السلام: “طوبى لصانعي السلام فإنهم أبناء الله يدعون”.