“اليابان والوطن العربي العلاقات المتبادلة والآفات المستقبلية” كتاب جديد للدكتور مسعود ضاهر (رئيس الرابطة اللبنانية – الصينية للصداقة والتعاون) انتدى حوله في الإدارة المركزية للجامعة اللبنانية ، رئيس الجامعة الدكتور عدنان السيد حسين، عميد معهد العلوم الاجتماعية الدكتور فريدريك معتوق، ورئيس الجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع الدكتور علي الموسوي.
بداية النشيد الوطني فنشيد الجامعة، ثم تحدث السيد حسين الذي أدار الندوة، مما قال”أهمية هذه الرابطة والدور الذي يقوم به الدكتور ضاهر في فتح آفاق جديدة من التعاون والصداقة بين لبنان والصين واليابان، خصوصاً أن هناك اتجاها لبنانيا تقليدياً أن نيمم وجوهنا شطر الغرب وكذلك الأمر في العديد من الدول العربية، إلا أنه بدأ يظهر مؤخراً اتجاه عالمي جديد نحو الشرق، فالاميركيون يتجهون حاليا نحو المحيط الهادىء والشرق”.
نأمل أن تلحظ السياسات الخارجية للدول العربية أهمية الانفتاح في العقود المقبلة لا التقوقع والاكتفاء بالعلاقات القديمة، إنها ليست دعوة لقطع العلاقات مع فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وغيرها من الدول الأوروبية، بل ضرورة توازن هذه العلاقات لصالح لبنان وكذلك العالم العربي”.
ونوه بالاهداء الذي كتبه ضاهر إلى “جيل عربي متفاعل مع الثقافات العالمية ليبني مجتمع المعرفة بخصائص عربية” لافتاً إلى أنه حتى أواخر القرن العشرين لا توجد دراسات عربية عن اليابان، على أمل أن تشهد بداية القرن الحالي اطلاق مجموعة كتابات ومشاريع عربية – يابانية”.
وأشاد بـ “مشاركة اليابان في السنوات الأخيرة في قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة ومساعدتها في العديد من الأعمال الانسانية”، وقال: “لا تشارك اليابان في أعمال حربية رغم الخوة التي دفعتها للاميركيين في حرب الخليج وخسارة استثماراتها في العراق، لذلك قررت أن تعود الى الشرق من بوابات الخليج وغيرها”.
أضاف “بعض الأفكار الواردة في الكتاب بحاجة إلى نقاش كالحديث عن اهتراز التحالف الياباني الأميركي في مطلع القرن الحالي… سيكون القرن الـ 21 قرنا آسيويا بامتياز تلعب فيه اليابان دوراً علمياً واقتصادياُ… ثمة اتجاه لتبادل الاساتذة والطلاب ودعم مراكز الابحاث العربية”، متوقفاً عند النشاط الذي اقيم في كلية الآداب والعلوم الإنسانية وتحديداً في مركز اللغات والترجمة حيث عرض فنانون يابانيون نموذجاً عن ثقافتهم.
معتوق
بعد ذلك تحدث فردريك معتوق وقال: “الكتاب لا يجاهر بأنه اعتمد على قاعدة أن بحثه ينضوي تحت لواء التاريخ الاجتماعي فحسب، بل تحليله برمته يركز على الترابط الحميم بين البنية الاجتماعية – السياسية وتأخر أو تقدم الشعوب. فاللوحة التي يرسمها عن الموضوع واضحة جداً حيث أننا أمام عنوان جداً معبر: اليابان والوطن العربي، أي أن اليابان على ضفة والعالم العربي على ضفة، ولا تجمع بينهما سوى التمنيات بأن تكون العلاقات بين الطرفين متبادلة وأن يكون لها آفاق مستقبلية”.
أضاف: “نقول للدكتور مسعود علمتنا الكثير في كتابك، علمتنا أن ما من شعب إلا وتكون له تجربته الخاصة المستمدة من إرثه الثقافي الآتي من الماضي، ولكن أيضاً من حاضر إرادته الحية، فالمثال الياباني واضح جدا في هذا المجال، ذلك أن الارث العصباني المعادي للغرب والأخرين، والنزوع للتقوقع والانغلاق ليس قدراً محتوماً على أي شعب من الشعوب، حتى على الأعتى منها. علمتنا أن الشعب الحي هو الشعب الذي يفرض إرادته ومصالحه على حكامه، لا الشعب الذي ينقاد خلفهم، لمصالحهم هم، فالشعب الحي مصدر السلطات لكن كي يكون الشعب حيا ينبغي أن يعي مصالحه وأن يفرضها فرضا، ضمن صيغة الدولة الحديثة -لا الدولة العصرية فقط حيث يمكن لهذه الأخيرة أن تكون دولة عصبية ومعاصرة- فالدولة الحقيقية هي الدولة الغربية الحديثة المبنية على الديموقراطية والمواطنة الكاملة والقانون والمؤسسات، ذلك ان خارج هذه الصيغة لا افق حقيقيا للخلاص”.
وتابع: “علمتنا أنه ليس هناك من بلدان صغيرة وبلدان كبيرة، بل هناك شعوب كبيرة وشعوب صغيرة، والشعوب الكبيرة هي الشعوب الحية التي، مهما قويت الشدائد عليها، تعرف من منظومة قيمها في العمل والسلطة والتماسك الاجتماعي والوطني أسباب نهوضها المستدام، فاليابان والصين وكوريا بلدان كسرت مراراً على مدى التاريخ لكنها بلدان لم تنكسر لان الانسان الحي فيها والشعب الحي فيها لم ينكسر”.
الموسوي
أشار علي الموسوي إلى أن “استخدام المؤلف للانترنت كمصدر للوثائق التي اعتمد عليها لم ينتقص من عمله لا بل اغناه والمهم الوثوق من المرجع”، موضحاً أن “المؤلف يميز بين نوعين من حركة التحديث في اليابان:مرحلة التحديث مع بداية حكم المايجي 1868- 1912، ومرحلة التحديث الثانية بعد الحرب العالمية الثانية وهزيمة اليابان”، مشيراً الى “عدم تنبه معظم الباحثين العرب إلى مخاطر الدمج ين المرحلتين”.
وقال: “هذه إضافة علمية واضحة للدكتور مسعود في قراءة تجربة النهضة اليابانية التي مرت بمرحلتين أدت كل منهما إلى نتائج مختلفة، الأولى إدت الى فائض قوة استخدام للهيمنة والسيطرة والتوسع وشعارها التحديث في خدمة الجيش القوي، بينما حدثت الثانية بعد انكسار وهزيمة وشعارها التحديث في خدمة المجتمع. وقد كان التحديث الجامع المشترك بين التجربتين”.
وتوقف عند العلاقة بين اليابان والعرب، لافتاً إلى أن “نظرة الباحثين العرب عموماً الى التجربتين اليابانيتين كانت أعجاباً بالاولى وانبهاراً بالتفوق العسكري الياباني، وعزوفاً عن متابعة الثانية، أي التفوق الاقتصادي الياباني، بسبب الهزيمة العسكرية التي لحقت باليابان وعدم الاستفادة من دروسها”.
تابع : “الاهتمام الجدي بالعلاقات من قبل اليابانيين كان بسبب النفط، فقد تبدلت نظرة اليابان إلى العرب، وزاد اهتمامها بالعلاقات معهم بعد الأزمات النفطية المتتالية، إلا أن العلاقات التجارية النفعية لا تؤسس لعلاقات ثقافية وسياسية متطورة بين اليابان والعالم العربي في عصر العولمة، ما أثر سلباً على صناعة القرار الياباني السليم تجاه شعوب المنطقة. إن الموقف السياسي غير المستقل لليابان يزيد الأمور تعقيداً في تبعية اليابان للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، مما جعلها تبدو كملحق بالنظام العالمي الجديد الذي تقوده اميركا. ونتيجة لذلك فالعلاقات الثقافية بين العرب واليابان ما زالت ضعيفة جدا في مختلف المجالات”.
أضاف: “لا مخرج الا بتحول العرب إلى قوة إقليمية ودولية فاعلة حتى يكون حضورهم مع القوى الفاعلة الأخرى من موقع الندية، والتفاعل الثقافي من دون ترداد شعارات عاطفية، لا قيمة لها، عن اهمية الحوار الثقافي وضرورة استمراره. وهذا التحول يقتضي تعزيز العلاقات البينية بين الدول العربية بداية، والاستفادة من التعاون الاقتصادي والثقافي المتنامي مع اليابان ودول أخرى، لبناء حركات حداثة سليمة ذات خصوصية عربية واضحة وقادرة على مواجهة تحديات العولمة، والقيام بإصلاح ثقافي شمولي على مستوى التعليم ونشر الحريات العامة والخاصة وتخليص الفكر الديني من نزعة التعصب والانخلاق ورفض الآخر، واعتماد سياسة التسامح بين القوميات والاديان وتشجيع التفاعل بين الثقافات”.
ضاهر
أكد مسعود ضاهر على “أهمية إرساء علاقات بين اليابان والعالم العربي لا دولة عربية واحدة فقط، خصوصا أن العالم العربي تجمعه قضايا مشتركة متنوعة”، مشيراً إلى أن “هناك تبادلا غير متكافىء لصالح العرب في بعض الأحيان”، مشدداً على ضرورة تطوير العلاقات نحو أمور استراتيجية ولا نكتفي بتبادل النفط مقابل السلع”.
أضاف أنه ركز على السنوات العشر الأخيرة لأنها “مهمة وتبشر بقضايا إيجابية بالرغم من أن العلاقات غير متكافئة، اذ لا تملك الدول العربية سوى النفط والغاز في حين تختلف الرأسمالية اليابانية، فجميع اليابانيين أموالهم مودعة في مشاريع إنتاجية والدولة تتدخل باستمرار لتوسيع الطبقة الوسطى والحفاظ عليها”.
وفي ما يتعلق بالجامعات اليابانية، أشار إلى أنها “تضم النخب وجامعات الدولة هي الأرقى، ويحظى خريجوها بالمراتب العليا في الدولة، خصوصاً أن التعليم الياباني يعتمد على الشقين النظري والتطبيقي أي يركز على العلوم التقنية اكثر من النظرية، ولا وجود للبطالة المقنعة”.
وأمل أن يكون الكتاب “مفيداً للدارسين والباحثين والطلاب”، معلنا عن اعداده كتاباً جديداً حول “المجتمع والدولة في لبنان”.