الدكتور منصور عيد عميد كلية الإنسانيات في جامعة اللويزة الغائب الحاضر… احتفال تكريمي في ذكراه الأولى

أحيت جامعة سيدة اللويزة الذكرى السنوية  لرحيل عميد كلية الإنسانيات فيها الدكتور منصور عيد، تقديراً لدوره التربوي والأدبي والوطني ، في لقاء بعنوان ndu“منصور في القلب وفي البال”، جمع مفكرين، أدباء، باحثين، إعلاميين، نواب، وزراء، فاعليات نقابية واجتماعية وإنسانية وعسكرية وروحية وأهل وأصدقاء وطلاب.، على رأسهم  الرئيس العام للرهبانية المارونية المريمية الأباتي بطرس طربيه و مجلس المدبرين 
بداية، النشيد الوطني فكلمة ترحيبية من عريفة الحفل ليال نعمه لفتت فيها الى “سلاسة الكلمة عند الراحل الكبير الذي أيقظ إيقاعها لتدخل الوعي قلباً وعقلا، في القصيدة والرواية، والمسرح والأبحاث، في السياسة والأدب، قلمه كالنهر الدافق، فيه الكثير من الطيب والعطر والحب، سكب أفكاره كتباً توقظ انتماء الثقافة بالإنسان”.

الأب موسى 

وكانت كلمة لرئيس الجامعة الأب وليد موسى تناول فيها الراحل كصديق وأخ، لافتاً إلى جسر من المحبة والصدق جمع بينهما وربطت بينهما خيوط من الإلفة والصراحة، “فلا تنميق ولا زخرفة على حساب الحق والحقيقة. وهو نموذج للأساتذة الذين قدموا شبابهم وحياتهم في سبيل الجامعة وخدمة الطلاب”.

وأعلن، تقديرا له، “تسمية الحديقة المواجهة لكلية العلوم الانسانية حيث كان يعمل باسم منصور عيد، متابعة نشر آثاره ومؤلفاته، الاهتمام بإرثه الثقافي بالتعاون والتفاهم مع العائلة، الإعلان عن جائزة سنوية تمنح في حفل التخرج للمتخرج الذي ينال أعلى العلامات في كلية العلوم الإنسانية وتسمى الجائزة باسم منصور عيد. إطلاق اسم الراحل على كرسي مميز في هذه القاعة، وهذه الكراسي مخصصة لعظماء من هذا الوطن”.

وختم كلمته بصلاة رفعها باسم المشاركين في الذكرى إلى الله، بشفاعة مريم، شفيعة الجامعة، “لأن مكافأة منصور عيد ليست على هذه الارض ، بل هي في كرمك الالهي”.

رزق

وكانت كلمة للنائب السابق ادمون رزق، وصف الراحل بـ “المؤمن حتى البرارة، الصادق حتى الطهارة، حمل اسمه بجدارة، وقرن اتقان المواضيع بجودة الأداء، فكان أديباً، امتلك إحداثيات العربية، لغة وأدباً، فراضى بالقلم عاصي الكلم. باحث رصين، ألف وعرب، تأمل وتألم، قص وروى، واعتصر عناقيده الحاناً ، فكانت مسيرة مكللة بالتوفيق والوفاق”.

وجيه فانوس

أما الأمين العام لاتحاد الكتاب اللبنانيين الدكتور وجيه فانوس فقال: “أتانا الخبر فجاً ووقحاً، بل أتانا من دون أن يراعي، ولو ذرة من ذمة صداقة، أو يحفل ولو بلحظة من حلاوة عشرة، أو يساير حتى ولو عاطفة من مودة زمالة. نعم، وصلت فرس الرحيل، مطعمة بالقرار الأعلى فأسرعت يا منصور في امتطاء سرجها والسفر بعيداً عنا. رغبت في البداية أن اكتب عنك، غير أن قلمي أبى أن يطاوعني ولو بكلمة، رغم تكرار المحاولة لمرات ومرات، فأدركت عندها أن قلمي كما أنا، لا نعترف بك راحلا متوفياً وانك لم تعد من دنيانا هذه”.

وختم: “منصور عيد، ما برحت حياً بأعمالك العديدة والمتنوعة في مجالات الثقافة والأدب، ما زلت ممتلئاً وجوداً بحضورك المتميز في الحركتين الأدبية والأكاديمية في لبنان كما في العالم العربي، تاركا بصمات دامغات طيبات لك، أنت موجود بقوة وحيوية وفاعلية، ولو كنت ستبقى سابحاً فوق سرج فرس الرحيل”.

سهيل مطر

وكانت كلمة لنائب رئيس الجامعة لشؤون الثقافة والعلاقات العامة سهيل مطر، تحدث فيها عن “وجع الرحيل”. وقال: “ما أرهبها ساعة وما أوجع الفعل الماضي، بصمت الودعاء وبهدوء المباركين الأنقياء ، وراحة ضمير، وببهاء لا يعرف الضجيج والصراخ، خبا الرجل الطيب جسده النحيل في سريره، تحت غطاء الليل والنعاس، ودون كلمة، اغمض عينيه، وراح في غفوة، ولا يزال. نعم ما أوجع الرحيل والفعل الماضي. لكن منصور ترك خلفه سبع أوراق ، بل رسائل سبع واختفى. رسالته الاولى وجهها إلى الجامعة، رئيساً، زملاء، اسرة وطلاباً قال فيها: “احببتكم وسأبقى. انتسبت اليكم وانتميت، عملت جهدي، فإن وفيت، فلي ذكرياتكم والصلاة، وإن قصرت، فاغفروا لي، وتذكروا دائماً أنني أحبكم وأصلي لكم.

أما الرسالة الثانية فكانت موجهة إلى ” أهل الأدب والفكر” قال فيها: “ما كتبت كلمة إلا صادقاً، وما رويت حكاية إلا من أجل القيم ولبنان، وخربة مسعود “ستبنى من جديد، وطائر الفنيق يستفيق ليبقى القلم سلاحنا وربيعنا في محاربة الجهل والفساد والتطرف والعنف. أما الرسالة الثالثة فقد وجهها الى بلدته بتدين اللقش وأهلها بالقول: “ليست بقايا جسدي تستريح فحسب، بل الروح التي تحيا معكم إلى الأبد . بوسوا ترابها، فأن ارتعش التراب، هو أنا ارتعش في التراب. أما الرسالة الرابعة، فتضمنت الشكر، كل الشكر لمن ساهم في إقامة هذا اللقاء، أو تحدث فيه عني، أو أخرج وثيقة أو كتب أو رسم لي صورة ، فانتم تستحقون كل حبي وصلاتي. والرسالة الخامسة توجه فيها إلى ولديه وسام ونتالي أكد لهما فيها أنه ليس بعيداً عنهما وأنه يحرسهما بأهدابه”،

وأضاف: “غداً عندما أفرح بكما، احبسا الدمع، أنتما تستحقان كل الحب، فإن قصر بي الزمن، لن تقصر الروح، واستمرا رمزا للأخلاق والأخوة والجمال. أما الرسالة السادسة فكانت ممحوة الكلمات، ببعض الدمع، لكن اسم زوجته جاكلين كان يتراءى بين السطور لا قبلك ولا بعدك، حبيبتي – كما يقول – وتبقين، ويبقى اسمك رمزاً للتضحية والوفاء، فلا تبكي ولا تنحني، ارفعي الرأس لمطرح ليوقف الزمان. والرسالة السابعة والأخيرة فكانت حروفها بلون الدم والآخ ، وكلمات متقطعة، ونداءات: ” يا الله “، أبى ان يقرأها مطر، مكتفياً بالقول: منصور يا زيتونة الجامعة العابقة بالأدب والنبل، سنبقى نتفيأ، ظلالك الدافئة ، ولن يكون الزمن ممحاة، وسيبقى اسمك أقوى من الرحيل”.

كلمة العائلة

أما كلمة العائلة فألقاها نجله وسام وقال :”سمعت الكثير من كلمات التعزية هنا وفي الخارج ، وهي كلمات تؤكد عمق المحبة والوفاء والتقدير لما قدمه والدي من تفان في خدمة الجامعة والطلاب والوطن، وما تركه من عصارة فكره للأدب بكل فروعه من شعر ونثر وحكايات وأبحاث، وقصص قصيرة تروي “خبريات الضيعة ومجتمعها بحلوها ومرها. وعن بيروت – كما عرفها هو – وعن الحرب والموت والتشرد كي لا انسى. كان يدرك هذا الحب ويتفاعل معه، ومرة من أيام المرض والألم قال لي ولأمي: في البداية لم أكن راغباً في النضال من أجل البقاء لكن محبة الناس جعلتني أغير فكري.

لم يتركني منصور فما زلت أتخيله منتصباً على المنبر يكلمنا بصوته الهاديء، فما زلت اسمع كلماته الحلوة، وضحكته الرنانة، وما زلت ارندح تلك الأغاني التي كنا نغنيها معاً، وهي أغان بات لها اليوم طعم من الحنين الحلو والمر، لم يتركنا ولا ترككم منصور عيد ، بل ترك لنا جميعا ذكرى محبته لنا وإرثه الفكري الكبير ، وهو كنز علينا الاعتناء به. لذلك، أود الليلة أن أشكر باسمه وباسمي واسم العائلة كل من زاره مريضاً، وكل من ذكره في فكره، وصلاته، وكل من وقف إلى جانبنا في هذه المحنة، فالجامعة كانت بيته الثاني يتفاعل فيها ومعها، كما كان يتفاعل مع جميع أفراد عائلته. فأنتم كنوز لا تثمن وكان وجودكم قربنا وجود الملاك الحارس، ونور الشمس الوحيد في هذه الأيام المظلمة “.

وفي الختام قدم الرئيس العام للرهبانية المارونية المريمية الاباتي بطرس طربيه، والاب موسى ومطر درعا تقديرية باسم الجامعة إلى عائلة الفقيد، كما قدمت عميدة كلية الانسانيات في الجامعة انجيلا ويليس مع الدكتور ضوميط سلامه درعا تذكارية أخرى، قبل ان يتوجه الجميع إلى الحديقة المواجهة لكلية العلوم الانسانية حيث رفعت الستارة عن اللوحة التذكارية التي تحمل اسم منصور عيد.

وتخلل اللقاء أفلام وثائقية، أعدها الإعلامي ماجد بو هير واشرف عليها سهيل مطر، وانتجها قسم السمعيات والبصريات في الجامعة، تناولت مسيرة العمر بصوت زوجته جاكلين، وشهادات حية لبعض من عرفه ورافقه في فكره ونضاله المتشعب في الفكر والثقافة والتعليم والكتابة والوطنية.

اترك رد