في الندوة التي نظمتها جامعة الحكمة حول كتابهما “فصل السلطات وسيادة القانون” ألقى المؤلفان الدكتور عصام عطالله والدكتور عقل كيروز كلمتين ألقيا فيهما الأضواء على أسباب وضع الكتاب والرسالة التي يحملها والهدف منه.
كلمة د. عصام عطالله
عرفته قبل أن نلتقي، وعند اللقاء كان سلام وعناق، إنه الدكتور عقل كيروز، الذي لم أكن أدرك ان لقاءنا آنذاك سيثمر عملا لا بل أعمالا نستطيع من خلالها تحقيق طموحات شخصيّة وعامة على السواء في خدمة الانسان ووطننا لبنان.
هو قادم من خلفية العلوم السياسية والتطبيقات الادارية والخبرة الدولية مع صانعي القرار العالمي من خلال وجوده في الولايات المتحدة الامريكية وعمله مع مراكز دراساتها الاستراتيجية الى جانب خبرته اللبنانية، ومن خلال الرسالة الاكاديمية التي نعتزّ بها معا أصبحت لقاءاتنا الفكرية عديدة تحوّلت الى عمل وتحليل من جرّاء مراقبة الاوضاع العامة التي تنحدر بشذوذها الى نتائج أصبح لبنان ينؤ بثقلها ولا يحتملها، ممّا دفعنا الى خلق برنامج نسهم من خلاله بتصحيح الاعوجاج، أقلّه بما قدّمه لنا الباري وهو الكلمة والايمان بالوطن الرسالة، كما قال عنه الطوباوي يوحنا بولس الثاني، هكذا كان نتاجنا هذا نقدمه للملأ كمقدمة لأعمال تصب في خدمة الانسان، ونحن نحب الانسان.
لبناننا غني بتنوعه وبإختلافاته التي هي مصدر غنى له ولأبنائه، فكيف يدّعي البعض بأن سبب الاوضاع السيئة في البلاد تعود الى هذا الاختلاف في الدين والمذهب والطائفة . لماذا يشوّهون الحقائق ويجعلون من الانماط الوهمية حقيقة وتلك الانماط لا وجود لها سوى في الخيال، منذ متى أصبح الخيال حقيقة؟
الحقيقة هي بأن لبنان منارة وإشعاع وملجأ للقبضايات، للعصاميين وليس للزعران، والجميع يحلم بالعيش في لبنان من دون خوف، خوف من عدم تطبيق القوانين واللجوء لقوانين المحاصصة والمحسوبيات، خوف من المرض والموت على أبواب المستشفسيات، خوف من غياب الأمن وسيادة السرقات، خوف من الازمة الاقتصادية وردود فعلها على المجتمعات، خوف من إحتلال الدول الاجنبية لثقافتنا قبل ان تحتل أرضنا وتغّير هويتنا ومبادئنا، خوف من الضياع ببؤرة فساد تسود معظم الإدارات والمؤسسّات التي دورها ان تعنى بحاجات المواطن.
ولأننا نريد وطنا يضيء على دور الأبطال فيه بالشهامة والتضحيّة والعمل، ومن خلال الكلمة كان نتاجنا هذا فصل السلطات وسيادة القانون.
سيادة ثقافة القانون تساهم في تدعيم المجتمع المدني وحماية حقوق الانسان بمشاركة الجميع في إمّا إستحداث قوانين او المشاركة في تطبيقها وبأن لا أحد يعلو على القانون مهما علا شأنه بمن فيهم المسؤولين الحكوميين والمتنفزين فسيادة القانون تمنح أفضل فرصة لضمان الحقوق العامة والفردية وذلك بتحقيق الطموحات الاجتماعية ممّا يلزم المؤسسات العامة والحكومية بمزيد من الانتاجية والفعالية والعدالة، إن حكم القانون قد يكون التدبير السياسي الوحيد الذي يضمن قيام آلية تخوّل جميع المواطنين ضمان حقوقهم من خلال المشاركة والحماية والإنصاف، كتابنا هذا دعوة لجميع المواطنين لتغيير في المعرفة والمواقف والمهارات خدمة للّبنانيين ولبنان… ونحن نحب لبنان.
أردنا لكتابنا هذا أن يكون جامعا لعدد من العلوم، فهو كتاب علمي توثيقي قانوني سياسي بالاضافة الى فن الادارة، علمي وتوثيقي لانه جمع بين النظريات والممارسة لإحتوائه آراء العديد من المواطنين عن موضوع الكتاب، قانوني وسياسي لأنه يدرس الحالة اللبنانية من خلال الدستور وتطبيقه أو بالاحرى تشويه تطبيقاته تحت مسميات تجيز لبعض من المسؤولين الهروب من المسؤولية والمحاسبة، وفن الادارة لأنها السبيل الوحيد لتطبيق المعايير الصالحة لتطبيق المعارف والمهارات وتحقيق الابداع والتمييز وهو ما لحظناه في قسم التوصيات من كتابنا. في سهولة تجيز للقارىء إدراك نقاط التلاقي لفلسفة الحقيقة، والفلسفة في لفظها اليوناني تعني حب الحكمة، ونحن نحب الحكمة.
ختاما نتوجه بالشكر الى جامعة الحكمة بشخص رئيسها الخوراسقف كميل مبارك على دعوته لاحياء هذه الندوة في قاعاتها وإطلاق كتابنا ضمن منشوراتها، فله منّا كل المحبّة.
والتقدير الى المنتديين معالي الشيخ وديع الخازن “إبن البيت” الذي عبّر لنا عن كبير محبّته لنا وللجامعة ومعالي القاضي محمّد بسّام مرتضى الذي يشدّك اليه بصدقه وشفافيّته وخصاله، لكما منّا كلّ التقدير لما افضتما به علينا في هذه الندوة وللقيمة المضافة التي تفضّلتما بها علينا.
والامتنان الى الدكتور أنطوان سعد أمين الجامعة لإدارته هذه الندوة هو الساهر والمنهمك بالمسؤليات الكبيرة الذي أعطانا من وقته فأغنى هذا اللقاء بمعرفته وعلمه فله منّا كل الامتنان.
وأشكر أيضا، الكاتب، ورجل الاعمال الدولي والمنتج السينمائي العالمي جون كوري الذي رغم إنشغالاته ومسؤلياته في أقطار العالم أجمع وهو شريك اساسي في نشر ثقافة سيادة القانون الذي أولانا الدعم المعنوي ووقته ودعمه في كتابة مقدّمة كتابنا.
ولا ننسى أن نشكر كل من ساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ممّن ساعدوا وسهّلوا وأمنوا المستلزمات لإقامة هذا اللقاء
والاحترام كل الاحترام، لكم جميعا أيها الحضور الغالي على قلبنا، على تشجيعكم وتشريفكم وإحتضانكم وإبراز إهتمامكم، فوجودكم يزيدنا إصرار على متابعة العمل ونحن من نقف أمامكم مصفقين لأنه لولاكم لما كان هذا اللقاء.
كلمة د. عقل كيروز
عندما تنحصر السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية في مجموعة واحدة تموت الحرية.
حول هذه الفكرة التقينا أنا والدكتور عصام عطالله هو القادم من خلفيّة العلوم الادارية والتجارية التي من خلالها عمل على خلق شبكة علاقات مع شخصيات دينية ودنيوية محلية وعالمية بالاضافة لممارسة الكتابة في الصحافة اللبنانية والدولية منذ أكثر من عشر سنوات. جرّاء عمله تمّ إختياره بين عدد من الاعلاميين العرب للمشاركة بالمنتدى الدولي لثقافة سيادة القانون بالتعاون مع جامعة جورج تاون والمركز الوطني للمعلومات والدراسات الاستراتيجية في العاصمة واشنطن. ونتيجة هذا اللقاء كان كتابنا.
سيّداتي سادتي،
بكل محبة وامتنان نشكر حضوركم ومشاركتكم يا ابناء وطننا المجروح.
لطالما حلم اجدادنا واهلنا وشهدائنا وابناؤنا ونحن بك يا وطننا لبنان، وطنا للحريّة الحقيقيّة، وطنا لثقافة السلام، وطنا لحضارة الانسان النابعة من الشفافية وسيادة القانون المرتكز على العدالة والمساواة وطنا قوامه ومحركه وقلبه وجماله المحبة من دون حدود.
وقفنا نشاهد وطننا يحترق في بركان نار البغض والحسد والاحتكارات والطمع والعنف والكبرياء والفقر والكذب والدمار وغيره من لائحة كبيرة من الشرور، نسمع البكاء ونعيش الفساد والالم فقرّرنا أن نعبّر عن رفضنا لنكون شهود زور بل أرادة أن نكون صوتا صارخا ينذر ويدعو للعودة الى أفق المحبّة والسلام وإنقاذ الوطن من النارالتي تلتهم أرزه وقيمه وإنسانيته وجماله.
وضعنا هذا الكتاب، الاوّل من مجموعة خطّطنا لها لإعادة بناء ما تهدّم وزال، جئنا نطرح ورشة بناء جديدة ليس بالسلاح والعنف والتهديد والحروب إنما بالحوار والاصلاح والاحترام المتبادل تحت سيادة القانون فيتعافى لبنان إقتصاديا سياسيا سياسيا إجتماعيا وقضائيا. هدفنا لبنان الغد وطن تطبّق عليه المقولة “هنيئا لمن له مرقد عنزة في لبنان”
كفى كذبا ومهزلة وتسلّط وعبودية، كفانا شعارات فاسدة تعود على مطلقيها بالسخرية كفانا خطابات فارغة ووعودا لا جذور لها كفانا سرقة المال العام والاجرام وغيرها.
تعالوا نعود الى الشركة والاخوة الحقيقية فينال كل مواطن حقّه الذي وهبه إياه الله ليس البشر.
سيداتي سادتي، الهدف من هذا الكتاب قفزة نوعية وشجاعة من عالم الجهل والفساد والظلم والتخلف الى عالم الحرية والنور والسلام، لكن هذا التغيير يتطلّب أبطالا عصاميين للوصول بالوطن الى ميناء السلام. فهل بإستطاعتنا نحن المجتمعون هنا اليوم نبذ الالقاب والغشاوة عن العيون لنجنّد أنفسنا في سبيل إصلاح شامل كل الاصعدة تحت مظلّة القانون وأشعّة الحق والعدالة.
أمّا إذا كنا سنغني مواويل الماضي والحاضر ذاتها فبئس لهذا الوطن والمجتمع إذ أصبحا أوكارا للفساد والغش، لهفنا على لبنان الذي تغنّت به تواريخ العالم وأدباؤه وذكرته الكتب المقدسة عشرات المرّات
وإننا إذ ندرك بأنه في ظل غياب ثقافة سيادة القانون، يذوب الانسان بالالم في غياب القدرة على التعلّم كأني به إنسان فاقد للحس الطبيعي والقدرة الى التعمّق بذاتيّته مما يبعده عمّن جبله وجعله بشرا، هكذا عندما نتكلم عن سيادة نعني بها تعميم التواصل على جميع المكونات لان التواصل هو الطريقة الوحيدة للارتقاء الى مستويات تبعد الانسان عن الانغماس في لغة العنف اي لغة الجسد والتدمير، والثقافة حالة عامة تسمح للتواصل بأن يكون بنّاء ليكون الجسد الاداة الطيّعة للاخلاقيات المنشودة فيما بين البشر، فما من قوّة أمضى من الكلمة، أما صناعة القانون فتقود الى فهم متطلّبات هذه الثقافة وتوفير أسس ترسيخها من أجل حياة أفضل ونحن نحب الحياة.
وأختم بكلام السيّد المسيح له المجد: “إن الحصاد كثير أمّا الفعلة فقليلون”.