الشاعر جميل أبو صبيح
لست أبكي
لكنه دمعي يسيل
أضع راحتي على جبهتي
أخفي وجهي
أخفيه عن جدران البيت
عن الأعشاب النابتة عليها
عن أنامل أجدادي تصُفُّ الحجارةْ
عن قطرات عرقهم تتساقط على التراب
عن أعراسهم في ساحة البيت
عن طائر الحمري يقف على حطام الجدران
عن الأثاث ولُعب الأطفال تحت الحطام
وأخفيه عن حجارة البيت
ولست أبكي
لكنه دمعي يسيل
جرافة كبيرة جاءت
جرافة وجنود مشاة
أسلحة وناقلات جنود
وأنا وحدي
عيني واسعة بحجم الجرافة
ودمعة نافرة
طفلي تحت الردم
وابنتي الصغيرة تمسح الدم عن جبهتها
وزوجتي
لا اعلم اين زوجتي
جديلة معفرة بالتراب
بقية منديل
يرفرف على حجر
وانا وحدي
دمعتي نافرة
ولست أبكي
الرصاص ينبح في الهواء
والجنود منفعلون
جرافة بحجم البيت
الجدران تنهار
والأعشاب النابتة عليها
وأنامل أجدادي
تقفز إلى تربة مجاورة
طائر الكناري يرقب على شجرة قريبة
باقة ورد على طرف حديقة البيت
لم تزل متفتحة
والشمس شهيدة تحت الجدار
ضوؤها مريض
ولست أبكي
لكنه دمعي يسيل
سأفرد علما كبيرا على الركام
وأحمل مفتاح البيت على كتفي
حمامة ترفرف على جبهتي
وأوراق شجرة التين تتطاير على الركام
الريح خفيفة
تحمل قيثارتها وتعزف
والرصاص ينبح في الريح
ناقلات الجنود
تعوي
و لست ابكي
لكنه دمعي يسيل
على كتفي سرب من الأطفال
يطلقون طائراتهم الورقية في الريح
وأنا أقف على عتبة البيت
أسحب قيثارة الريح
واعزف للركام
طفل يترجل عن كتفي
يضم قبضتيه
يضمهما بحزم
يلقي بهما في الفضاء
يصرخ جندي مدجج بالسلاح :
قفْ
تهب ريح خفيفة
يحدق الطفل بوجه الجندي
ثم يلتف بعلمه
علمه فضفاض
يرفرف في الريح
يصرخ :
لكَ اليومْ
وليَ الغدْ
وأنا ..؟
لست أبكي
لكنه دمعي يسيل
***********
ترجمة سردية ( لست أبكي ) إلى الإيطالية قامت بها الشاعرة الايطالية روزانا