“الخطاب والسّلطة” في ترجمة عربية عن المركز القومي للترجمة – مصر

صدر حديثًا عن المركز القومي للترجمة كتاب “الخطاب والسلطة” للعالم الهولندي الشهير توين فان دايك. قامت بالترجمة الباحثة العراقية غيداء العلي، الأستاذة في جامعة جورج guilaf kithabتاون، وراجع الترجمة وقدمها الدكتور عماد عبد اللطيف، الباحث الزائر بجامعة كمبريدج، والأستاذ المشارك بجامعة قطر. يقع الكتاب في 570 صفحة من القطع الكبير، ويتكون من سبعة فصول.

ترجع أهمية ترجمة هذا الكتاب – بحسب المقدمة التي كتبها الدكتور عماد عبد اللطيف للترجمة العربية – إلى وجود قلة نسبية في الكتابات المعنية بتحليل الخطاب، في المكتبة العربية. فعلى الرغم من أن السنوات القليلة الماضية شهدت تزايد الاهتمام بدراسات الخطاب، فما تزال الكتابات المترجمة والمؤلفة في هذا الحقل محدودة كمًّا وكيفًا على المستوى العربي. وذلك على الرغم من التأثير الهائل الذي يمارسه هذا الحقل المعرفي في الدراسات الإنسانية والاجتماعية المعاصرة، والنتاج الأكاديمي المذهل في تنوعه وثرائه في لغات أخرى، خاصة الإنجليزية. ولسد هذه الفجوة – خاصة في ظل ضعف اتصال كثير من الباحثين العرب بالكتابات الأجنبية مباشرة – من الضروري التصدي لترجمة الكتابات المؤسسة في تحليل الخطاب، ومن بين هذه الأعمال تأتي بالطبع، كتابات فان دايك. ويمكن القول إن كتاب “الخطاب والسلطة” يُعد اختيارًا جيدًا للتعريف بمساهمات المؤلف في دراسة الخطاب. فالكتاب الذي يتكون من عشر مقالات، يضم دراسات محورية كان لها تأثير في مسار تحليل الخطاب على مدار عقدين من الزمان. كما أنه يكشف عن تطور أدوات فان دايك ومنظوراته ومصطلحاته وانشغالاته على مدار هذه الفترة.

إضافة إلى ذلك يرى الدكتور عبد اللطيف أن الكتاب يُعالج جملة من القضايا الاجتماعية -الخطابية المهمة، ويمكن حصر الموضوعات التي ينشغل بها فيما يأتي:

أولاً: العنصرية: وعلى وجه التحديد، التمييز والتحيز ضد الأقليات العرقية (مثل السود والمسلمين..إلخ) وضد المهمَّشين (المرأة، الفقراء..إلخ).

ثانيًا: التلاعب السياسي: وعلى وجه التحديد، كيف تبرر الأنظمة الحاكمة عدوانها على شعوب ودول مستضعفة؟ وكيف تحاول إضفاء الشرعية على الحروب غير العادلة؛ كما هو الحال في الاحتلال الأمريكي للعراق، المدعوم من بعض الدول الغربية؟

ثالثًا: الهيمنة: وعلى وجه التحديد، كيف تُمارَس الهيمنة في فضاءات السياسة والإعلام والتربية..إلى آخره؟ وما دور الخطاب في إنجاز الهيمنة، ومقاومتها؟ وما الأدوات التي يُمكن أن تُسهم في إنتاج خطاب سياسي وإعلامي وثقافي وتربوي خالٍ منها؟

رابعًا: سُبل السيطرة على الخطاب: ويكرس فان دايك فصلا وعدة أجزاء من فصول أخرى لدراسة ظاهرة السيطرة على الخطاب، بواسطة السيطرة على منافذ أو مداخل الخطاب (من له حق الكلام؟ وأين؟ ومتى؟ وكيف؟)، والسيطرة على عمليات توزيع الخطاب واستهلاكه، وتوجيه التأويلات الممكنة له. كما درس على مدار خطابه، الدور الذي تمارسه النخب (السياسية والثقافية والتعليمية..إلخ)، في دعم خطابات السلطة، وفي إحكام السيطرة على الخطاب العام، بهدف خدمة الجماعات والمؤسسات المهيمنة.

كما يقدم الكتاب إسهامات نظرية مهمة، تهدف إلى تطوير العدة النظرية لدراسات الخطاب. وعلى وجه التحديد، فإن فان دايك يوظف في مقاربته للخطاب مفاهيم إدراكية وتفاعلية بهدف تحقيق فهم أفضل للعلاقة بين الخطاب والمجتمع. وفي إطار هذا الفهم يتوجه الاهتمام أساسًا إلى عمليات التفاعل المحيطة بالخطاب، وعمليات معالجته في الذهن. ويُعد هذا الاهتمام بالأبعاد المعرفية والتفاعلية للخطاب من أهم خصوصيات مقاربة فان دايك للخطاب، وربما يكمن وراء تسميتها بالمقاربة الاجتماعية الإدراكية (المعرفية).

اترك رد