الإعلامية نجاة شرف الدين
عكست عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان وجولة اللقاءات التي أجراها ، بالتزامن مع إنتخابات دار الفتوى ومحاولة ترتيب وضع عرسال، إضافة إلى الهبة السعودية التي وافق عليها مجلس الوزراء والمخصصة لتسليح الجيش والقوى الأمنية لمواجهة خطر الإرهاب ، عكست إرتياحًا ولو مرحليًا في الداخل اللبناني، بعد أن كانت الأوضاع قد وصلت في بعض المحطات ، ومنها عرسال ، الى حافة الهاوية .
خطوة الحريري التي جاءت بدعم ورعاية سعودية، عكست، أيضاً، اهتمام الرياض بالاستقرار في لبنان ، وهو ما ظهر من خلال تمديد فترة وجود السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري ، والذي كان من المقرر أن يغادر إلى باكستان بعد أن أجرى جولة وداعية على المسؤولين اللبنانيين، بسبب صعوبة تعيين سفير جديد بغياب رئيس للجمهورية في لبنان، كي يتسلم أوراق إعتماده .
الحرص الذي أبدته المملكة العربية السعودية عبر تواجد سفيرها في هذه المرحلة الدقيقة ، يشير، أيضاً، إلى أهمية الحفاظ على الحد الأدنى من التوافق الداخلي، ومحاولة إيجاد قواسم مشتركة بين الأطراف السياسيين، وهو ما بدا من خلال التصريحات التي أطلقها العسيري، وعبر فيها عن رغبة المملكة بالحوار وحرصها على استقرار ووحدة لبنان ، وهو ما عكسته، أيضاً، الأجواء التي رافقت عودة الحريري ، لا بل سبقتها من خلال قوله قبيل وصوله: “إن حزب الله لم يكن له علاقة في ما حصل في عرسال”، إضافة الى الزيارة التي قام بها الى رئيس مجلس النواب نبيه بري وإبدائه الرغبة بالتعاون ، ودخول النائب بهية الحريري على خط الوساطة مع هيئة التنسيق النقابية ، إضافة الى ملف التمديد الذي طرحه على الرئيس بري وبدا متحملا لنتائجه إلا أن بري بدا معارضا بانتظار فتح المجلس للتشريع كي لا تتحول الفترة المقبلة كما سابقاتها، أي تمديد من دون عمل وتشريع .
هذه الأجواء التي تعكس رغبة في التهدئة الداخلية ، قابلتها تصريحات مماثلة من جانب قوى الثامن من آذار وعلى رأسها حزب الله ، الذي جدد دعمه للحكومة على لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله ، إلا أنه حذر في الوقت نفسه من الخطر الوجودي على لبنان، مؤكداً أن داعش ” يريد فرض نمط حياة بقوة السلاح على المسلمين والمسيحيين”، معتبراً “أن المسار الجديد المعد من قبل الأميركيين وغيرهم للمنطقة، يتمثل في تدمير وتحطيم دول وجيوش وشعوب وكيانات”، لافتاً إلى أن “الخريطة الجديدة مبنية على أشلاء ممزقة وعقول تائهة، ويراد أن نصل جميعاً إلى كارثة”.
من الواضح أن التطورات العراقية، سياسية وأمنية، سيكون لها انعكاس على لبنان ، ومن الواضح، أيضاً، أن الخطر الداعشي على الجميع، خاصة بعد عرسال ، سرع عملية التواصل وعودة الرئيس الحريري من أجل إستعادة نوع من الإستقرار، ولو من دون تحقيق تفاهمات على عملية سياسية متكاملة، في ظل وجود العديد من الإستحقاقات التي لم يتم إنجازها، على رأسها انتخابات الرئاسة، ولاحقا إنتخابات المجلس النيابي، وبالتالي حكومة جديدة.
صحيح أن التواصل بين الطرفين الأساسيين وهما حزب الله والمستقبل، لا يزال حتى اللحظة منقطعاً في المباشر، وصحيح أن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قال إن عودة الحرارة في العلاقة تتطلب “خطوات من الطرفين وأن الطرق غير مقفلة” ، إلا أنه دعا، أيضاً، الى إستغلال فرصة “استقرار الضرورة” ، لأن كل الأطراف تريد الإستقرار في لبنان، كل من موقعه، فهل كانت عودة الحريري ضرورة لهذا الاستقرار؟
كلام الصور
1- الرئيس سعد الحريري لدى عودته إلى لبنان منذ أيام
2- السيد حسن نصرالله