إعداد سعد علي
يرى الكاتب العراقي فخري كريم أن التجربة التاريخية أثبتت أن الدكتاتورية لا ترتبط بالضرورة بالخلفية العسكرية لرأس الدولة، إذ شهدت بعض الدول العربية صعود أنظمة استبدادية، كان على رأسها حكام لا ينتمون إلى المؤسسة العسكرية.
ويقول إن وجود قائد عسكري على رأس الدولة لا يعني أن النظام دكتاتوري شمولي، مستشهداً بساسة بارزين كانوا قادة عسكريين، ومنهم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل (1874-1965) والرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول (1890-1970) والرئيس الأميركي الأسبق دوايت أيزنهاور (1890-1969).
ويضيف في كتابه “الإخوان… الحقيقة والقناع”، أن الرئيس العراقي السابق صدام حسين “الدكتاتور الفاشي لا مثيل له في التاريخ الحديث، لم يكن عسكريا بل طالبا فاشلا مغامرا مهووسا بالقتل منذ الصغر. والدكتور بشار الأسد كان طبيبا ولم يكن في البال تأهيله للرئاسة لولا وفاة شقيقه باسل الأسد في حادث سيارة عام 1994.
ويرى أن صناعة الدكتاتور لا علاقة لها بانتماء الحاكم إلى مؤسسة عسكرية أو مدنية، وإنما بغياب أو وجود دستور ديمقراطي ملزم وحياة ديمقراطية، تستند إلى إرادة المواطنة الحرة في إطار دولة مؤسسات وحياة حزبية مدنية وفصل بين السلطات الثلاث.
ويشدد كريم على أن هذه الشروط ضامنة “لمنع صعود الدكتاتورية إلى سدة الحكم في مصر وفي أي بلد مشابه”.
وكتاب كريم الذي يقع في 148 صفحة متوسطة القطع وأصدرته الدار المصرية اللبنانية في القاهرة، يبحث ظاهرة الدكتاتورية وتجليات ظاهرة الإسلام السياسي التي تجسدت في حكم الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان محمد مرسي لمدة عام، وانتهت بالخروج الحاشد للشعب في 30 يونيو 2013 وهو ما يراه المؤلف “تسونامي… معجزة هذا الزمان” فانتهى حكم الإخوان بعزل مرسي في الثالث من يوليو 2013.
ويقول المؤلف إن انتهاء حكم الإخوان في مصر سيعجل بانتهاء الإسلام السياسي الذي يقول إنه يقسم المجتمع المسلم إلى مؤمنين وغير مؤمنين، “ويشوه قيم الدين… نحن أمام مشهد سينتهي بانطفاء لوهج التشدد الذي جاء به الإسلام السياسي.
ويرى أن الشعب بإنهائه حكم الإخوان “صنع مأثرة قل نظيرها… الخروج العظيم للمصريين في 30 يونيو عبر عن رفض الخضوع لفحص تدينهم وإيمانهم والتوجس من تفكيك دولتهم” التي تعرضت لانفلات أمني بعد إنهاء حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، في احتجاجات شعبية اندلعت في 25 يناير 2011 واستمرت 18 يوما.
يوضح أن الإخوان خلال العصر الشمولي لمبارك مارسوا “عملية غسيل الدماغ… رسخوا في وعي الجموع المأسورة بالتهميش والفقر والبطالة العلاقة الترابطية بين الدين والإخوان” في ظل تراجع الدور الاجتماعي للتيار المدني.
ولا يغفل المؤلف محورية الدور المصري في أكثر من مستوى… فيقول إن هذا الدور “لم يكن ممكنا تجاوزه. وحين كانت السياسة عاجزة بأدواتها المباشرة عن تفعيل دور مصر.. بعد زيارة الرئيس محمد أنور السادات إلى إسرائيل (1977) وطوال حكم محمد حسني مبارك، نهضت الثقافة والمثقفون بهذا الدور وقاما بملء هذا الفراغ” الذي طال السياسة من دون الثقافة.
ويضيف أن تقديم نموذج لدولة مدنية ديمقراطية كفيل بتحويل مصر إلى “منارة وأمثولة تحتذى. ويكفي مصر أنها أنقذت العالم العربي من خطر هيمنة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي وأزاحت خطر اجتياحهم للمنطقة”.
ويرى أنه بعد “تجربة الشعب المصري في تفجير ثورتين متصلتين وإسقاط نظامين ورئيسين في فترة زمنية وجيزة… يتعذر على أي مغامر مهووس بالسلطة أن يفكر على المدى المنظور على الأقل بارتكاب حماقة اغتصاب السلطة أو اللجوء إلى القوة والعنف المسلح بالاستيلاء عليها”.