شِعر: منيرة مصباح
حَيْفا…
تُشاكِسُني بِذاكِرَةِ النسْيانِ
بالبحرِ يتْركني على عَتَباتِها
بالياسمينِ منتشراً على أدْراجِها،
حَيْفا تُفتِّشُ عن يَدي
في صَحْوتي
تَتْرِكُ جسَدي ريحاً
لرطوبةِ الندى المُتَقطِّرِ،
حيفا…
تَشدُّ على ضَميري
تقولُ: أعْبُري السِياجَ
تَجاوَزي كَلِماتَكِ
لا تَتْرُكي ذاكِرَتي للغِيابِ
لا تَرْكَني الى سَفَرِ المَدائِنِ
تَأْخُذُكِ الغِواياتُ
في بَحْرِ الكائِناتِ.
حَيْفا …
أُفُقٌ يَنْحَني على شَواطِئِها
وأَصْدافُ “موريكس” تُعانِقُه بِالأُرْجُوان
تَحْرِقُ البَحْرَ الأبْيَضَ بِزَهْرِ الرَغْبَةِ
تُصْبِحُ لَمْسَةَ الشَعْرِ المُبَلَّلِ
وَشْوَشَةُ النَسْمَةِ للجَبْهَةِ
شُرْفَةُ الغَسَقِ المُطِلِّ على
مُضْنياتِ الزَّمانِ.
حَيْفا…
تُسائلُني عن الأحْزانِ
تَعْبُرُ جَسدَ الكَلِماتِ
تَعْبُرُ نَغْمَةَ المَوْجِ للشاطِئ
في كَثافَةِ الدَمْعِ
في شَهْقَةِ البَرْقِ
في اخْتِصارِ الوَطَنِ
فَوْقَ أعْماقِ السنينِ.
حَيْفا…
لِقاءُ الحَقْلِ بالحلمِ القادِمِ
ضياءُ النجمِ لِلْهدْبِ الناعِسِ
سِرارُ الخَيْطِ للثَوْبِ المُطَرَّزِ
سَناءُ الزَهْرِ للفَجْرِ الذاهِبِ
لُغاتُ الهَمْسِ للريحِ العاصِفِ
سَرابُ اللَيْلِ للنَبْضِ الصاخِبِ.
حيفا…….
تَمسُّ العَينَ ما بين الجَفْنِ والرَحيلِ
لِتَبْقى شَهْقَةً أَحْلَى من الخَجَلِ
فوقَ نعاسِ النومِ على شفةِ التاريخِ.