“أيتها القصيدة، جِدِيني فيكِ”… مجموعة شعرية جديدة للدكتور شربل داغر

 

تصدر قريبًا  المجموعة الشعرية السادسة عشرة  للدكتور شربل داغر في عنوان “أيتها القصيدة، جِدِيني فيكِ”، عن دار باب الحكمة في تطوان (المغرب).

حول مجموعته الجديدة يقول د. شربل داغر ف في حوار مع جريدة “الدستور” (القاهرة، 25-8-) 2022:

أُلاقي نَفْسي، أتوحدُ بها، في القصيدة، في مجموعتي الشعرية الجديدة : “أيتها القصيدة، جِدِيني فيكِ”.

“هذه المجموعة الجديدة تلتقي حول انشغالات ضاغطة في التعبير والمعنى، ناتجة عما نكابده، غيري وأنا، في أحوال العنف، وتعطل الحياة، وفقدان القيمة، وتفجر المجتمعات الداخلي…

هذه الأحوال جعلتني أنصرف إلى ما يُشبه التوحد بيني وبين نفسي، بين القصيدة وما يشغلها، وبيني وبين عناصر الطبيعة، التي تحيل إلى كائنات الوجود الاولى.

كتبتُ غالب قصائد المجموعة في قريتي الجبلية، ما جعلني أعيش فيها، وفي القصيدة، ما لا أعيشه في المدينة من إكراهات وضغوطات.

هي ليست عودة رومنسية إلى الطبيعة، بل هي طلبٌ على الحياة، حيث هي ممكنة، وعلى الحرية حيث تكون الرغبة مثل حرية الطير، وحيث التطلع إلى مستقبل يشبه النظر إلى أفق بين هضاب الجبال”.

 النص الافتتاحي في المجموعة الشعرية

أنا، هناك، فيها

“في هذا الصيف، الذي أقضي أيامه الأخيرة في بيتي القروي، كتبتُ الكثير، في مشروعات كتابية مختلفة، ما لم أحسب له حسابًا، أو أخطط له؛ حصل بسرِّية، بتدافعٍ أكيد.

كتبتُ كثيرًا من القصائد، ما يجتمع في مجموعة شعر.

كتبتُ من حيث لا أدري، ولم أقصد. مثل فعلٍ تلقائي، يُسابقني إلى التلفظ، بل إلى شاشة هاتفي الجوّال.

كتبتُ بيسرٍ شديد، كما لو أنه محفوظٌ في الصدر؛ كما لو أنه خبزٌ انتفخَ عجينُه بمنأى عني.

كما لو أنني مسبوقٌ بما يتهدَّدني في هذه الأيام الأصعب التي عشتُها… في هذه الأيام والساعات واللحظات التي كان عليَّ فيها إيجاد الحلول العملية، الأولية، التي لي أن أتدبرها لكي أبقى قيد العمل، قيد الحياة.

فما عرفتُ يومًا، قبل هذا الصيف المقيت، حاجتي لأكثر من مصدر للكهرباء، ولمّا يتفرع منها من عمل البيت اليومي، وتنظيم حياتي البسيطة.

هذه العودة لي، ولأفراد عائلتي الصغيرة، إلى حياة بسيطة في عالم تكنولوجي معقّد ومتطور، جعلتْني في جهةٍ ما من وعيي وباطني أتعلمُ الحياة في عناصرها الأولى، في عودة متقشفة إلى أبجدية العيش القاسية.

لهذا يبقى ما كتبتُ من شعر أشبه بمن يخاف من الفقدان والخسران. بمن يكتفي من مشهد الشرفة (في مقدمة بيتي إزاء الهضبة الجبلية)، بقليلها، بمتغيرات أشعة الشمس التي أقع عليها في إفاقتي الصباحية.

كنتُ أشعر أنني أغرق، وأُغالب الموت البسيط والكريه، فيما كنتُ بعيدًا عن البحر.

حتى النهر القريب من بيتي لم أقترب منه، لم أمشِ فوق ضفتَيه، كعادتي في كل صيف. كما لو أنني أتراجع وأخاف، وأكتفي بالقليل القليل من مشهدي القديم، مشهد طفولتي…

ما كتبتُ من قصائد يبقى رسائل موجهة، بين ساعة وأخرى، إليَّ، كما لو أنني أتأكد من بقائي، من تنفسي لحظة تلو لحظة.

لهذا كتبتُ في قصيدة : “أيتها القصيدة، جِدِيني فيكِ”.

فأنا لم أعُدْ هنا، بل هناك، فيها.

وطى حوب، 15-9-2021.

اترك رد