فلنقف دقيقة حب … ولنقرأ قصيدة شعر !!!

   

منذ عشرين سنة رحَلَ ((نِزار)) في  30 ابريل من العام 1998 ودُفِن  شاعِر الحبّ والياسَمين كما أرادَ  في دمشق التي وصفها في وصيَّته بالرَّحم الذي علَّمه الشِّعر  والإبداع  وأبجديَّةَ الياسَمين !!!

((نِزار))

عاش وماتَ عاشِقًا للشّام … ولِحَلَب … ولِبيْروت …ولكلِّ شِبْرٍ  مِن وطَنِهِ سوريا الجريحة اليوم ، وَلِسِتِّ الدُّنيا الجريحة آنذاك …

هوَ عاشَ للشِّعر والحبِّ … وعِشناهُ في كلّ حبٍّ ولم يمُت ولن يموتَ عشْقًا وشِعْرًا ولو بعد ألف عام مِن مماته !!!

“كلّ دروب الحبِّ توصِل إلى حَلَب ” قلْتَ (( نِزار )) على منبر الشِّعر في حلَب بتاريخ 21 ديسمبر 1980  … أمّا أنا فأقول لكَ بأنَّ  كلَّ  درْبٍ في الحبِّ مرَّت عبر محابِرِكَ وحروفِكَ وياسَمينِكَ  !!! ويومَها  قلْتَ أيضًا :

” وها  أنذا  في حلَب لأواجِه قَدَرًا  مِن أجمل أقداري ” !!!

وأنا أقول : إنَّ حبّي لِ(( نِزار )) ، وحُبّي للشِّعر ، واحتِرافي أبجديّة الياسَمين هي كلّها أشياء حدثت لي قضاء وقدَرًااا !!! وها أنذا اليوم في هذه الذّكرى الغالية أعترِفُ  وأقِرُّ  أنَّ كلَّ ذلك كان  “قَدَرًا مِن أجمل أقداري” !!!

وفي ذِكْرى (( نِزار )) يطيب لي أن أعودَ بالذّاكِرة إلى قصيدة كانت موعدي الاوّل معه ، وأنا طفلة بعد ، في الصُّفوف الابتدائيّة … مِنْها  بدأ  الشِّعْر يهمس في أذني ، وكنتُ يومها مكرهة على حفظِها  غيْبًا وإلقائها …

وإذ بتلك القصيدة تصبح  الأحبّ إلى قلبي ، وتبقى مرسومة على خريطة عواطِفي ، وتختبئ في ثنايا نبضي وخطوط يدي …

مِن رحمِها وُلِد حبّ الشِّعر في حياتي ، ومِن رَحْمِ قدّيسةِ تلكَ القصيدة  وُلِد (( نِزار )) ، وشغفه بِشامِهِ ، وياسَمينِها … وولدت أروع  دوواينِهِ …

“خمس رسائل إلى أمّي “

هي تلك القصيدة ، وسأكتفي منها بمقطع واحِدٍ ، نستذكِر على وقعِ نايات حروفِهِ ،  مبدِعًا كم كتبْنا معه الرّسائل من تحت الماء …  وكم قرأنا  طالعنا نحن العشّاق في فنجان …  وكم من شدّة الصّدق كذبنا وكم وعدنا ألا نحبّ …والحمد لله أنَّنا كذبْنا  … وكم  وكم قال وقوَّلَنا   كلماتٍ ليْست كالكلمات !!!

“خمس رسائل إلى أمي”
 صباحُ الخيرِ يا حلوه..
صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه
مضى عامانِ يا أمّي
على الولدِ الذي أبحر
برحلتهِ الخرافيّه
وخبّأَ في حقائبهِ
صباحَ بلادهِ الأخضر
وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر
وخبّأ في ملابسهِ
طرابيناً منَ النعناعِ والزعتر
وليلكةً دمشقية..
أنا وحدي..
دخانُ سجائري يضجر
ومنّي مقعدي يضجر
وأحزاني عصافيرٌ..
تفتّشُ –بعدُ- عن بيدر
عرفتُ نساءَ أوروبا..
عرفتُ عواطفَ الإسمنتِ والخشبِ
عرفتُ حضارةَ التعبِ..
وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العالمَ الأصفر
ولم أعثر..
على امرأةٍ تمشّطُ شعريَ الأشقر
وتحملُ في حقيبتها..
إليَّ عرائسَ السكّر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشُلني إذا أعثَر
أيا أمي..
أيا أمي..
أنا الولدُ الذي أبحر
ولا زالت بخاطرهِ
تعيشُ عروسةُ السكّر
فكيفَ.. فكيفَ يا أمي
غدوتُ أباً..
ولم أكبر؟

         ****

دمتَ الحبَّ حبيبنا (( نِزار )) …

في ذكرى رحيلك اليوم تعبق ست الدنيا بيروت بشذا حروف ياسَمين الشام !!!

 

اترك رد