الشكر ليس لكم

مسا النور…
والأنوار…
وقداسة شهر نوّار

***

لأني ما بآمن بالـ “أنا”
إنما بآمن بتقديس الـ “نحنا”…
بحني قدامكم سنبلة الخمسين،
وبكل خشوع بقول:
إمبلى بستحق…
بستحق… وأكتر…
بستحق… بس لأني بمحبتكن عم إكبر…
وبستحق لأني حبيتكن، وبحبكن، ورح ضل حبكن، أكتر وأكتر…

***

ع بطاقة الدعوي لـ هالاحتفال، مكتوب، بالخط العريض، عبارة “تحية لـ جورج طرابلسي”…
اسمحولي قبل ما بلِّش كلمتي، أني صحح الإتجاه، وجيّر هالتحية لـ تنين:

أولن لـ، السلام على إسما، العدرا، سيدة لبنان و”إم الكل”…

وتانين لـ سيد “بيت الشعب” و”بي الكل”، الرئيس العماد ميشال عون، يلّي بفضلو عالأرض، وبفضلا بالسما، نحنا بعدنا موحدين، مسلمين ومسيحيين، وقادرين نجتمع ونحتفل هون، ونوزّع حضارة ع كل الكون…

***

بإنجيل لوقا، بالكتاب المقدّس، منقرا قصة زكّا رئيس العشّارين، الكان قصير كتير، وراد إنو يشوف “الكلمي المتجسدة بالمخلص”، فإخترق الحشود المِتْجَمّ.عة حولو بمدينة أريحا، وتسلّق شجرة جميّز، وبكل إيمان طلّ عالرب… الرب يلّي قدّر إيمانو، ومنحو بركتو، وقلّو:

“يا زَكَّا انزِلْ على عَجَل، فيَجِبُ عَلَيَّ أَن أُقيمَ اليَومَ في بَيتِكَ”.

وكون “الأنوار” بيتي، و”الصفحة الثقافية” جنينتو… ما بعرف ليش أنا وعم بعتلي هالمنبر اليوم، تصورتو شجرة جميّز، وشفت حالي زكا جديد، عم خاطب أرباب الكلمي… وكلني أمل إنو الليلة، قبل بكرا، يصير هالبيت بيتكم، ونعيش فيه سوا “حلم لبنان الجنّة”…

***

وبالعودة للبطاقة، منتوقف عند إسم صاحبة الدعوي، وهي الحركة الثقافية-أنطلياس… وتحديدا عند كلمة انطلياس، وعند معناها بالذات…

بمطلع القرن الماضي، قال الأب لامنس اليسوعي، إنو هالإسم مألف من مقطعين صوتيين، هني: “آنتي” و “إليوس”، أي: المواجهة للشمس…

وهون بسارع لقول إنو بعد إنشاء الحركة الثقافية، لـ إستقطبت أقمار وكواكب وشموس –متل افضالكم- على مدى سنين، هالتسمية صار لازم تتغير وتصير: آنتي غالاكسياس، أي المواجهة للمجرة… مجرة الفكر والفلسفة والشعر والأدب والفن والابداع والجمال بكل مجال…

***

وجورج شكيب طرابلسي، المنبهر الليلة بمواجهتكن، يا شموس العمر، عم بيفّكر بكل الساهموا بوصولو لهون، وبطليعتن 3 إخوي، اسامين بتشكل ثالوث شخصية مؤسس دار الصيّاد…

بقصد أبناء العميد السعيد: عصام، وبسّام والهام فريحه….

الله يطوّل بأعمارن، ويساعدن ت يحافظوا على هالأمبراطورية الاعلامية، حتى تضل منبركن، وتبقى أنوارا، وكل صحفا، تشع وتشرق يوميي، بالرغم من كل الظلم والظلمة وكل الازمات الاقتصادية لـ عم تخيّم على معظم الدول العربيي…

***

30 تموز 2002 ما كان يوم عادي بحياتي…

نهارا، بيتصل فيي رئيس تحرير “الأنوار” الزميل ميشال رعد تلفونيا، على الخط الداخلي بالدار، وببلغني بصوت مخنوق خبر رحيل خينا الشاعر والفنان التشكيلي رياض فاخوري، وباختصار اكتر من شديد، بـ قلّي: الله يرحمو، تارك ع طاولتو مواد للصفحة الثقافية، إهتم فين هاليومين، لـ كنِّا شفنا شو بدنا نعمل بهالمصيبة، ونلاقي حدا يقدر يستلم رسميا محلو…

وسكّر الخط، بلا ما يتركلي فرصة للاستفسار أو حتى الاعتراض….

و لـ حد هاللحظة صار ماضي ربع قرن ع وعد اليومين… و”غودو لم يأت… والمركز ما زال شاغِرٍا”…

ومش هون القصة…

القصة اني دخلت ع مكتب خيي المرحوم رياض برعب فظيع، وبشعور غريب، بيشبه شعور غوليفر الفايت ع بلاد العمالقة…

ولكن، أنا وعم فلفش بـ لوراق لقدامي، تحوّل هالشعور بسرعة لـ إحساس مختلف… فيه شي من شعور “اليس ببلاد العجايب”… شعور الخوف من المجهول، الممزوج بجمالية سحر العالم يلّي حطني القدر فيه…

وبهالدوامة كان السؤال لكبير: يا رب دخلك شو بدي أعمل؟

***

وما طوّل ت إجا الجواب…

الجواب كان مخبّا بإسمي…

فـ إسم جورج بالأصل اليوناني بيعني “الحارث”، حارث الأرض، أو “الفلاّح”… وبالعربي: “الخضر”، صاحب الإيد الخضرا، وباللبناني: الجنيناتي…

ومع الجنيناتي (المعنى الأحب والأقرب للقلب) كان جواب الرب، يلي حوّل الإسم لـ فعل… والفعل لـ جنينة… إنزرعت بالمحبة: حرف-حرف، وحبة-حبة…

حرف صار زهرة، وحرف صار وردة، وحبة صارت سنبلة، وحبة صارت أرزة، وكلن صاروا صفحة، والصفحة –معكم- صارت جنّة…

وبيبقى الحلم، إنو -بتعاونا سوا- نقدر نرجِّع هالجنة لـ وطنها… وطن الأرض والانسان، الـ إسمو: لبنان…

***

أخيرًا…

وخلافًا لكل القواعد والأصول، ما رح إشكر حدا…

لا شفيعتي القديسة رفقا، ولا الحركة الثقافية بشخص رئيسا الدكتور أنطوان سيف، ولا دولة الرئيس الياس الفرزلي، ولا النقيب عوني الكعكي، ولا الشاعرين جوزيف أبي ضاهر وقزحيا ساسين، ولا الدكتورة ناتالي الخوري غريب، ولا الصبايا يلي أعدوا الوثائقي: جيسي أسد، يارا سلوم وماريا معوشي، ولا صاحبتي الحنجرتين الذهبيتين: الدكتورة مارلين بولس وجيهان بجّاني، ولا الدكاترة والاساتذة، الشعرا والادبا والمربين الـ شاركوا بإعطاء شهادات “ما بستحقا” بالكتاب يلي رح يتوزّع عليكم بعد شوي… ولا الجندي المجهول بميدان الثقافي رزق غريب… ولا حتى لشريكة حياتي وروحي وذاكرتي، الصبية الإسما “تيتا حنو”…

لا…

ما رح أشكر حدا منن أو منكن…
بل سأخصصُ الشكرَ لواحدٍ أحد، هو الله…
الله “الذي أنعم عليّ بكم”…
ويلّي بتمنى إنو يطوّل عمري… بس… ت يكون عندي الفرصة والوقت لـ حبكن أكتر… وأخدمكن أكتر، وإخدم وطني أكتر وأكتر…

***

وبختم بتحية ل بيت الرحباني، ال عم نحتفل اليوم بمسرحن،
وبدينيي عم يصدح صوت فيروز:
ويا أهل ميس الريم ضلوا اتذكروني
كلما حبو اثنين تبقوا اتذكروني…

*****

(*) كلمتي في الحركة الثقافية-انطلياس، في 11 مايو 2017، لمناسبة نعمة نيل محبتكم.

 

اترك رد