جورج طرابلسي في مرآة محبّيه

د.  ناتالي الخوري غريب

(روائية وأستاذة جامعية، رئيسة حركة إصدار ونقاش) 

هي مرآة القلب التي نظر فيها كلّ من المشاركين في هذا الكتيّب، فكتبوا وهج المحبّة التي نقشها وجدانُهم واختزنتها ذاكرتُهم في مسيرة العمر.

هي مرآة الإعلام التي أمعن فيها كلّ من المشاركين، فعكسوا وجهها الصافي المتجسّد في قلّة، منهم الإعلامي جورج طرابلسي الذي رفع شعار المواكبة الإعلاميّة الثقافيّة لجميع الذين يعلون من شأن الكلمة والأدب والفكر، بلا محسوبيّات أو كيديّات أو تفاضليّة.

هي مرآة الثقافة كما رأى إليها كلّ من المشاركين، فشهدوا بقولة حقّ في مسيرة طرابلسي وعطاءاته واحتضانه المواهب الثقافية، والأقلام التي تحاول رسم خطّ البدايات، كذلك تلك التي تكرّس الأدب الرفيع ورسوليّة الكلمة.

هي مرآة الإنسانيّة التي عكسها كلّ من المشاركين في رسم وجه طرابلسي، وجهه المشعّ في الآخر، المكتمل به، المعبّر عنه، المعترف بأنّ التعدّدية حتميّة في لوحة الوحدة.

خمسون عامًا في خدمة الكلمة، خمسون عامًا من العطاء في أرقى معانيه.

“إنّه لمستحّق جدًّا، وتكريمه تكريمٌ لنا ولكّل المشتغلين في الثقافة والأدب والإعلام”، هي العبارة الترحيبيّة التي أجمع عليها كلّ أصدقاء جورج طرابلسي ممّن جمعهم معه همّ الكلمة أو نشرها حين علموا بخبر التكريم وفرحوا به، وهذا الكتيّب المجبول بمحبّتهم وصدقهم وشهاداتهم خير معبّر عن ذلك.

فتكريم الإنسان جورج طرابلسي، هو تكريم النقاء الإنساني في أبهى تجليّاته.

تكريم الإعلامي جورج طرابلسي، هو تكريم لخدّام الكلمة وأهليها في زمن رخصت فيه الكلمة وفرُّغت من معانيها.

تكريم المثقّف جورج طرابلسي، هو اعتراف بأنّ المشهد الثقافي لا يكتمل إلّا بأمثاله المؤمنين بأنّ:

تكريم الصديق جورج طرابلسي، هو إيمان بشفيف الصداقة التي تتجاوز المصالح والغايات.

تكريم عرّاب المواهب الكتابيّة جورج طرابلسي، هو إيمان بالتجدّد الطالع من رحم الأصالة، وبأنّ المشهد الثقافي تكتمل لوحته بحضور مكوّناته، فدور الجيل الجديد لا يقتصر على الإصغاء والتصفيق فقط، بل له دور فاعل ومبتكر، مع إيمان بأنّ الجيل القديم ما يزال منبعا ورافدًا أساسيًّا للأصالة الثقافية.

شكرًا جورج طرابلسي، لأنا في نبلك قرأنا كيف يكون سيد الكلمة خادمًا لها.

شكرًا، لأنك تتقن حرفة المبادرة في تقديم النصيحة على طبق من تواضع أنيق، وليمة للآتي من الأيام.

شكرًا، لأنك تُسعف العصافير الصغيرة التي كسرت أجنحتها، كي تحلّق بعيدًا، ولأنك تخرق عزلة النسور زمن التحوّل، كي تستعيد المدى.

وإذا كان زارع المعرفة يحصد النور، ولو بعد حين، فناثر المحبة يزهر بها ويعبق، في كل حين… وأنت من زراع المعرفة في ثقافة الأولويات، تحيا برسوليّة المحبّة التي لا تعرف المواسم…

****

(*) مقدمة كتاب  “جورج طرابلسي في مرآة محبّيه، خمسون عامًا في خدمة الكلمة”،  لمناسبة تكريمه في الحركة الثقافية- أنطلياس في 11 مايو 2017.

اترك رد