دار الثقافة تطلق التفسير العربي المعاصر للكتاب المقدس:

يحمل صبغة شرق أوسطية معاصرة وضعها كتّاب ودارسون أصليون تركز على فهمه

moukdas

احتفلت “دار الثقافة” باطلاق كتاب “التفسير العربي المعاصر للكتاب المقدس”، بدعوة من رئيس الطائفة الانجيلية في مصر ورئيس الهيئة القبطية للخدمات الاجتماعية الدكتور القس اندريه زكي، برعاية نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي وحضوره مع حشد من الشخصيات الثقافية والاجتماعية في فندق “مونرو” – بيروت.

كوانت

استهل الاحتفال بكلمة لمدير مؤسسة “لانغهام للنشر” بيتر كوانت، فقال: “في 24 أيلول، عدت من غلاسكو إلى منزلي في مانشستر في طريق تبلغ مسافتها 321 كيلومترا. قررت أن آخذ استراحة في كارلايل، فذهبت إلى مكتب Langham Literature في زيارة فجائية. لكن المفاجأة الفعلية كانت بانتظاري أنا. عندما وصلتفي ذلك الصباح، وجدت النسخة المبدئية للتفسير العربيالمعاصر للكتاب المقدس. أمسكت النسخة بعناية وحملتها كما يحمل المرء طفله حديث الولادة، وبكل هدوء شكرت الله على عطيته الكريمة. وبعد ذلك، غمرتني الفرحة بعد أن رأيت أخيرا المنتج النهائي. وما ظننته مستحيلا وغير قابل للتحقيق، قد أصبحالآن بين يدي، مصنوعا يدويا وبشكل جميل، بعد أن خاضتجارب كثيرة مر بها الكتاب والمحررون والناشرون. شكرا لله، هتفت بنفس مسرورة.  وهنا، اسمحوا لي أن أوضح لكم لماذا يعد هذا الاطلاق حدثا ذا أهمية بالغة بالنسبة إلي وإلى Langham Literature”.

وأضاف: “إن التفسير العربي المعاصر للكتاب المقدس” هو كناية عن جزء من مجموعة إقليمية ومعاصرة وسياقية لتفسير الكتاب المقدس بكامله في مجلد واحد.
بدأ الأمر بـ”التفسير الأفريقي للكتاب المقدس” في عام 2006، و”التفسير الآسيوي الجنوبي للكتاب المقدس” في عام 2015، ثم “التفسير الروسي/ الأوكراني للكتاب المقدس” في عام 2016. والآن انضم “التفسير العربي المعاصر للكتاب المقدس” إلى المجموعة. وبمشيئة الله، سيصدر في أول السنة المقبلة تفسير أميركا اللاتينية، ثم تفسير أوروبا الوسطى والشرقية الذي ما زال في طور الكتابة”.

وتابع: “إن رؤيتنا لهذه التفاسير السياقية، نبعت من استماعنا إلى وعاظ أفارقة وعلماء تعرفنا إليهم، كانوا قد قرأوا كتبا من الغرب طوال سنين عديدة، لكن غالبا ما كانت هذه الكتب غير ملائمة، إذ فشلت في الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها الناس في الكنائس. كما أن هذه الكتب فرضت آراء غربية سائدة حول النصوص الكتابية. ولا شعوريا، فهم القراء الأفارقة أن الإيمان المسيحي كان ديانة “غربية” و”تصديرا” نافعا من الغرب. وينطبق الأمر نفسه على العالم العربي، على الرغم من أن النصوص الكتابية نشأت من هذه المنطقة”.

وقال: “إن جميع هذه التفسيرات التي يتناولها هذا الكتاب تساعد القراء على تطبيق النصوص الكتابية في سياقاتهم الثقافية. وجميعها قائمة على المبادئ التالية:

1 – الانتماء إلى الشعوب الأصلية: يكتبها كتاب ودارسون أصليون، ولدوا في الثقافة التي يكتبون إليها ويعيشون فيها.

2 – النزاهة: إنها تفاسير كتابية تركز على فهم ما يعلنه الكتاب المقدس وما نقله. ويقوم بذلك دارسون ملتزمون الإيمان المسيحي التاريخي، وسلطة الكتاب المقدس ككلمة الله.

3 – السلاسة في القراءة: إنها مكتوبة بأسلوب يتيح للرعاة المحليين والتلامذة وقادة الكنائس فهمه.

4 – مراعاة السياق: لقد كتبت منسجمة مع الحياة اليومية والمحلية. وما يستحبه القراء بصورة خاصة هي مقالات الاختصاصيين التي تتخطى المئة، والتي تتناول الوقائع والتحديات الخاصة بكل منطقة. ويعالج هذا التفسير بطريقة موجزة، مسائل رئيسية مهمة في هذه المنطقة، مثل صنع السلام والعصمة الحرفية ودور النساء.

5 – إن جوانب جديدة وفريدة لهذا الكتاب التفسيري تتمثل بإنشاء مجتمع يتألف من محررين ومساهمين لاهوتيين يأتون من تقاليد كنسية مسيحية مختلفة. وعليه، فإن هذا المشروع تملكه “الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية” CEOSS وتطوره، إضافة إلى موظفي “دار الثقافة” الأكفياء”.

وأضاف: “نتكلم كثيرا في لانغهام على “الاستماع المزدوج”، وهي عبارة صاغها مؤسسنا الدكتور جون ستوت، وتعني الاستماع إلى النصوص الكتابية كما إلى العالم من حولنا. إن آراءنا السائدة تحدد لنا طريقة استقبالنا النصوص الكتابية. كما يشكل واقعنا نظرتنا للعالم وطريقة تطبيق تلك النصوص”.

وتابع: “إن ميزة هذا الكتاب التفسيري العربي هو أن مصدر الكتاب المقدس هو هذه المنطقة، وبالتالي فإن الممارسات الثقافية جزء من ثقافته. لكن تمر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتغيرات عدة، وقد أولى المفسرون في كتابنا هذا اهتماما خاصا بتزويد القراء اقتراحات ذات صلة، حول تطبيق النص القديم على وقائع هذه المنطقة في القرن الحادي والعشرين.

أصلي أن يقرأ هذا التفسير العربي المعاصر، أناس من مختلف الخلفيات الكنسية، كذلك الذين تختلف معتقداتهم وإيمانهم، إنما يهتمون بمعرفة تعاليم الكتاب المقدس. وأصلي أن تجد، يا صديقي القارئ، خلال قراءتك الكتاب المقدس أنه يتوجه إليك بمفاهيم مألوفة تتناول المخاوف والمسائل العديدة التي تواجهها لكونك تعيش في هذه المنطقة وتعمل فيها”.

وقال: “لقد تعلمت الكثير وتشجعت وألهمت خلال الاثنتي عشرة سنة الماضية، فيما شاركت بطريقة بسيطة في رحلة المحررين والمساهمين وناشر كتاب “التفسير العربي المعاصر للكتاب المقدس”، إذ كان لنا شرف العمل جنبا إلى جنب. وأحد الاجتماعات الذي سيظل عالقا في ذاكرتي، هو الاجتماع الأول في الإسكندرية مع 45 مساهما حاضرا. فقد كانت المناقشات، بالنسبة إلي، في ذلك اليوم مع المندوبين المشاركين، بمثابة غوص في عالم مليء بالأفكار المختلفة، ومفعم بالحداثة والحياة. وبالحق تشجعت عندما رأيت التزام المسيحيين ذوي التقاليد المسيحية المختلفة، بالعمل معا ليبصر هذا الكتاب التفسيري النور”.

وهنأ باسم “Langham Literature” “كل مساهم وجميع العاملين في”الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية””، وشكر “دارالثقافة على العمل الذي أنجزوه بشكل ممتاز، وقيادة القس الدكتور أندريه زكي الملهمة ومحرريه”.

قسيس

بعدها تحدث المدير الدولي للمجلس العالمي للتعليم اللاهوتي الانجيلي القس رياض قسيس، فقال: “ان الكتاب المقدس يبقى كلمات على ورق ما لم يترافق مع عمل الروح القدس الذي يفسر الكلمة ويعمل في القلوب لتغييرها في ضوء تلك الكلمة”.

وأكد “مدى الجدية التي عمل بها فريق التحرير على الرغم من التحديات الكثيرة التي واجهوها قبل أن يبصر هذا المنشور النور ويصبح في المتناول لكل عربي ومفكر وباحث ولاهوتي، كما لكل مؤمن من أية طائفة انتمى”.

باسمة الخوري 

وقالت الراهبة الانطونية والاستاذة الجامعية في الكتاب المقدس الأخت باسمة الخوري: “فرحتي يوم تلقيت دعوة من “دار الثقافة” للإشتراك في كتابة فصول عدة في هذا التفسير، وكيف بدأت تلك المسيرة التي جعلتها أقرب إلى كلمة الله، من جهة، ووجهة النظر المعاصرة وفقا للتحديات التي تمر بها منطقتنا العربية”.

وركزت على “أهمية درس كلمة الله في بعيون شرق أوسطية معاصرة ومواكبة لحاجات مجتمعاتنا والتعددية التي يمكن الافادة منها بدل جعلها سببا للخلافات والتباعد”.

زكي

وقال زكي: “أود أن أوجه شكري العميق الى دولة الرئيس إيلي الفرزلي لحضوره ومشاركته لنا.
اجتمعنا اليوم لنحتفل بإصدار تفسير هو الأول من نوعه، التفسير العربي المعاصر للكتاب المقدس. هذا التفسير كان حلما راودنا منذ 11 عاما، حلمنا آنذاك، بتفسير للكتاب المقدس، يحمل صبغة شرق أوسطية معاصرة. فالله استخدم في كتابة الكتاب المقدس أناسا شرق أوسطيين، عاشوا في قرينة شرق أوسطية.
لكن التفسير لم يقتصر فقط على تفسير النص الكتابي؛ إذ حاول المفسر أن يفهم النص ويقدم الينا كيف يؤثر هذا النص ويغير في حياتنا وأفكارنا وسلوكنا اليوم تجاه القضايا والتحديات المختلفة، في ضوء الأثر المماثل الذي حققه النص مع المتلقي الأول في قضايا وتحديات مماثلة.
وعليه، فمنذ اللقاء الأول تبلورت الرؤية، لذا لم نقف عند مجرد حلم، فسرنا وراء هذا الحلم وبذلنا جهدا. فاتجه الكتاب الى صوامع بحثهم، من أجل الدراسة والبحث والتنقيب بين طيات الكتب الحديث منها والقديم، ليخرج هذا الحلم للنور”.

وأضاف: “بجانب صعوبات البحث والدراسة، اعترضت أحداث ما يسمى بالـ “الربيع العربي” الطريق، إذ اندلعت أحداث غيرت خريطة الوطن العربي بأكمله، ليس فقط الدول التي قامت فيها هذه الأحداث. ولهذا كان لا بد أني كون التفسير مواكبا للظروف الاجتماعية والسياسية والثقافية الجديدة في شتى بقاع الوطن العربي، وهذا ما تطلب إعادة النظر في ما كتب من أسفارومقالات، بل أيضا إعادة النظر في خطط البحث للأفكارالتي ستطرح بين طيات هذا الكتاب.

ورغم اعتمادنا كأساس لهذا المشروع على عهد لوزان – والذي يعبر عن إيمان الكنائس المصلحة، إلا أننا ارتأينا أن التعددية والاختلاف يثريان العمل، لذا فمنذ اللقاء الأول، ضم فريق العمل لاهوتيين وباحثين من كل بقاع الوطن العربي، وبكل خلفياته وطوائفه. فضم التفسير كتابا من كل الكنائس، الكنائس المصلحة بشتى توجهاتها، الكنائس الأرثوذكسية، والكنائس الكاثوليكية. أيضا تعددت جنسيات الكتاب، فشارك كتاب من مصر ولبنان وفلسطين والعراق وغيرها. هذا التعدد والاختلاف جعلا هذا التفسير متفردا لا مثيل له من كل التفسيرات التي سبقته في العالم العربي”.

وتابع: “تميز هذا التفسير أيضا بالمقالات التي طعمت التفسير، إذ جاءت من رحم التحديات التي يواجههاالمسيحيون العرب، متأثرة بالواقع الراهن للظروف الاقتصادية والسياسية والثقافية للوطن العربي. فجاءت المقالات حية، وليست صامتة، إذ قدمت قراءة معاصرة وليس تنظيرا أجوف. وأيضا ونحن نتحدث عن المقالات، يجب أن نؤكد أن وجود مثل هذه المقالات بين طيات التفسير أثرى التفسير، وجعله أكثر حيوية، وزاد من تفرده كتفسير معاصر”.

وقال: “قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا التفسير كتب من الكنيسة إلى الكنيسة، لكن الحقيقة أن جمهور هذا التفسير لا يقتصر على هذه الفئة فقط، فهذا التفسير كتب لكل ناطق بالعربية في أي مكان على الكرة الأرضية، من أي خلفية دينية أو ثقافية. فهو مناسب جدا ليتعرف قراؤه الى ما يقوله الكتاب المقدس لنا- هنا والآن. وكما أشرنا سلفا فإن المقالات تقدم شرحا تفصيليا لرأي المسيحية اليوم في القضايا المعاصرة التي تواجه المواطن العربي العادي من قضايا علمية، واقتصادية، وسياسية، ودينية”.

وأضاف: “هذا التفسير على رغم أنه موجه الى القارئ العربي المعاصر، إلا أنه موجه أيضا الى الأجيال العتيدة، لأنه سينقل اليهم كيف كان المسيحيون في الشرق الأوسط يفكرون في ما واجههم من تحديات، إذ سيعرض كيف فهم المسيحيون نصوص الكتاب المقدس في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. هذا يجعل الكتاب خالدا نافعا للغد كما لليوم أيضا”.

وتابع: “ونحن نحتفل بإصدار الكتاب، لا يسعني الا ان اشكر لكل من ساهم في أن يولد هذا الحلم: أود أن أشكر هيئة “لانغهام الدولية”، ولانغهام في أوستراليا” لكونها الجهة الممولة والداعمة لهذا المشروع الضخم. وأشكر الدكتور القس كريستوفر رايت المدير الدولي لشراكة لانغهام، والسيد بيتر كوانت المدير التنفذي لشراكة لانغهام والدكتورة ماري إيفانس رئيسة مجلس إدارة شراكة “لانغهام الدولية” ورئيسة مجلس إدارة “لانغهام: في المملكة المتحدة وايرلندا”.

الفرزلي

وكانت كلمة الختام للفرزلي الذي اعتبر أن “ما قامت به “دار الثقافة” بالتعاون مع الكتاب العرب والمحررين إنما هو عمل جبار يهنأون عليه”.

وأكد أنه “يقرأ العهد القديم من وجهة نظر تاريخية وسياسية، أما العهد الجديد فهو الذي يعرفه بالله من خلال شخص المسيح يسوع”. وأبدى شغفه “بإنجيل يوحنا والآيات الأولى منه تشير إلى المسيح الكلمة المتجسد الذي حل بيننا”.

ولفت الى ان “علاقة الانسان بأخيه وطريقة التعامل معه تجعل علاقته بالمسيح وطيدة”، مستندا الى “ما جاء في إنجيل متى الأصحاح 25 “لأني جعت فأطعمتموني. عطشت فسقيتموني، كنت غريبا فآويتموني، عريانا فكسوتموني، مريضا فزرتموني، محبوسا فأتيتم إلي”.

اترك رد

%d