هرم القراءة

      

يعد اكتشاف الحرف وتعلم القراءة والكتابة نقطة البدء الحقيقية لتأريخ الانسانية الجماعي وإلا فالمعرفة الفردية بدأت مع اول الخلق في نبي الله آدم (ع).

والقراءة التقليدية صنف البعض منها غفلة من الهوايات بحيث تجد معظم الشباب في ازمنة معينة ادركتها عندما يسأل عن هوايته يقول القراءة والرياضة او احدهما او يضع الى جانبهما امرا اخر والمهم في هذه الاشارة العرضية ان القراءة ليست هواية مهما كان نوعها بل هي استجابة لاحساس معرفي برغبة الخروج من المجهول الى المعلوم مهما كان نوع هذان المجهولان والمعلومان وان هذا الاحساس يتفاوت بدرجات مختلفة لدى الافراد ومعه يتحرك طلب القراءة والرغبة بها ونوع المجاهيل التي تحرك اهتمام المعرفة بها والخروج من حيرتها وهذا الامر ينطبق حتى على قراءة الشعر والرواية بل الطرائف والفكاهة.

في اوسع قاعدة من هرم القراءة التي يتواجد فيها اكبر عدد من ممارسي القراءة ويشمل معظم مبتدئي القراءة يكون فيها الفرد في مرحلة الاذعان والتصديق لكل ما يقرأه فهو يرى صحة الرأي وضده والفكرة وخلافها ويستقبل كل ماهو مكتوب على نحو التصديق.

من المهم الاشارة إليه ان المكوث في مرتبة من سلم القراءة متفاوت بين القراء فقد يمر احدهم في مرحلة قاع القراءة خطفا وقد يبقى آخر الى آخر عمره وهو يقرأ بهذه الطريقة كما انه في العادة تبدأ الصعوبة والتأخر مع التدرج في المراحل المتقدمة من هرم القراءة.

في المستوى الثاني من هذا الهرم وهنا الصعود من القاعدة الى القمة مع تضيق المساحة تدريجيا اي تناقص اعداد الصاعدين يدخل القاريء في المرحلة الثانية وهي التشكيك في مواطن الخلل والاشتباه وعدم الاتساق واللامنطقية او الانحراف المعرفي فهو يشعر ان هناك خلل فيما هو مكتوب ويقرأه لكنه لا يعرف بالضبط ماهو الخلل وما نوعه وفي اي فقرة بالضبط وكيف يضع يده عليه.

المرحلة التي تليها صعودا والتي يكون الصعود إليها اصعب وعدد الصاعدين اقل يتم فيها تشخيص مناطق الخطأ والخلل ومعرفة مواضع النقص في المكتوب وتتدرج هنا ايضا مراتب استكشاف ومعرفة الخلل.

الرتبة التي تليها وهي اصعب واهم وعدد الصاعدين لها اقل وهي مرحلة القدرة على رد الخطأ والاشتباه والخلل معرفيا فالقاريء بعد ان شخص مكامن الخلل والضعف بوضوح لديه امكانية الرد المعرفي للتصحيح .

طبعا ليس بالضرورة ان يكون هذا الرد مكتوبا او يقوم بالتهميش اسفل او اعلى مناطق الخلل بل يكون حاضرا في ذهنه ووجدانه كرد معرفي قائم على قواعد سليمة.يتضمن ما يجبر النقص او يسده او يصحح الخلل والمهم ان يكمل الصورة الصحيحة.

المرحلة النهائية للهرم وهي مرحلة القمة والتي لا يصعدها إلا القليل قالمساحة تتضيق تدريجيا مع الصعود والذي يعني تناقص اعداد الصاعدين وهي مرحلة القدرة على تقديم البديل وفيها يكون القاريء قادرا على انشاء المعادل الموضوعي الذي يتجاوز كل نواقص ما وقع بين يديه ومكررا أؤكد ان هذا ليس بالضرورة ان يتم عبر نص مكتوب يقدم كمعادل للمادة المقروءة بل هو توافر قدرة واقغية تخرج من حيز الامكان الى الواقع تعني تقديم بديل متكامل او على الاقل اقل نقصا مما بين يديه.

لا يتسنى لكل القارئين بلوغ القمة وان مراحل الصعود متفاوتة بين شخص وآخر فقد يمكث احدهم معظم العمر في مرتبة وقد يصعد الهرم كله آخر في زمن قياسي.فالامر يعتمد على التركيبة الذاتية ودرجات الذكاء والاستعداد النفسي والرغبة والاصرار على الانجاز ونوع المقروء وظروف القراءة والمنهج والمعلم والمثال الذي اتبعته في القراءة.

في عقيدتي القراءة لا يتقدم عليها إلا الماء والهواء والغذاء بغض النظر عن كونها ورقية او الكترونية او بأي وسيلة كما ان الصعود في هرم القراءة يعطيها منجزا مختلف وطعما

واحساسا معرفيا مميزا لا نظير له.

اترك رد

%d